العذراء هي والدة الأله:
القديس كيرلس الأسكندري - ترجمة د.جورج عوض
18- هل سمعتَ بوضوح، إن الله الكلمة سُمِّيَ بتسميةٍ بشريةٍ، بسبب اتحاده بجسدٍ؟ لأنه مَنْ هو هذا الآخر الذي كان يمكنه أن ينزل من السماء؟
إذن، لا تتعثر هنا حين يقول: "الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ" (يو 8: 40)، بل تقبَّل هذا القول بتقوى، مدرِكًا التدبير. لأن مِن هذه الأقوال يظهر تدبير الاتحاد، فحتى لو أنه مازال يُدعى إنسانًا، فلا ينبغي أن يُسمَّى بدون لاهوته . لأنه مَنْ هو الذي يتجرَّأ ويدعوه إنسانًا، ثم يقول هذه الأقوال التي قيلت من قبل؟ أقصد مجيئه العتيد من السماء، والدينونة العادلة للجميع، حين يرنم داود المرنم العظيم "لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون وله يُوفى النذر" (مز 65: 1).
اسمع الصلاة: "إليك يأتي كلُّ بشرٍ" (مز 65: 2). ماذا يعني هذا، إلاَّ ما تعلَّمناه، أي أن هذا هو ما سيفعله ابن الإنسان؟ لأنه يقول: "وَمَتى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ" (مت 25: 31 - 32).
أرأيت هذا الذي يقوله داود تجاه الله: "إليك يأتي كلُّ بشرٍ"، فقد قَبِل أن هذا سوف يُتمَّمُ في ابن الإنسان؟ إذن هو بالتالي الله الذي صار إنسانًا حيث أنه وُلِدَ من مريم، الأمر الذي تُظهره لنا الكتب المقدسة بوضوح وبراهين كثيرة.
على أيَّةِ حال، بالطبع هي والدة الإله، وهي العذراء الحسنة حتى ولو لم يُرِد هؤلاء. لأنه لو كان يسوع المسيح الذي أتي منها، هو إنسان فقط، فكيف كتب بولس في رسالته إلى أهل غلاطيّة، قائلاً: " بُولُسُ، رَسُولٌ لاَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (غلا1:1)؟ من الواضح إذًا أنه ليس مجرَّد إنسان عادي، بل هو الله الذي صار إنسانًا.
ليت غير المتعلمين لا يعثرون من جرَّاء هذه الأقوال، بل ليتهم يتعلَّمون تدبير السر الإلهي، وليتهم يسجدون مع الملائكة من الآن فصاعدًا للمسيح. لأنه يقول: "وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ»" (عب 1: 6)، و "لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ" (فيلبي 2: 10 - 11). ليَتَّهم يتذكرون يسوع المسيح الذي أُعترِف به ربَّا، ولْيتَّهم لا يضطربون حين يسمعون أنه يُدعى إنسانًا بحسب التدبير.