Archive for أغسطس 2013

خروج (5) ياله من ثقل شديد ؟




 " حين تنتفض النفس كرها وبغضا ضد الخطية يثور عليها الحكام الأشرار التي تعطيهم الخطية ملكهم وتاجهم , فيزيدون الأثقال والأوجاع علي هذه النفس , وتنتفض النفس بصرخات مدوية من القلب إستجابة لدعوة من افتقدها ونظر إلي مذلتها هو دائما الذي يبدأ ويمد يد العون ..... " أطلق شعبي ليعبدني " هكذا يزأر الله في الشيطان والخطية التي تسيطر علي نفس الإنسان وتأسره وتحمله أثقالا عسره , ولكن دعوات الله يتردد صداها في أنحاء الأفق الخلاصي " تعالو إلي ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ( متّى 11 :28) والله يمكن بدلا من أن ينتشلنا من نيران التجربة يضع يده ويحيطنا بعطفه وحمايته وسط النار فلا تمسنا بسوء لكيما ننظر خلاصه العجيب ولا نعترض علي خططه العجيبة  ...
الأربعاء، 21 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

مديح في العذراء _ أثناسيوس الرسولي




مديح في العذراء

 للقديس أثناسيوس الرسولي


أيتها العذراء العالية
أنت بالحقيقة أعظم من كل عظمة أخرى
من يساويك في العظمة. أنت مسكن الله الكلمة
بمن أقارنك في كل المخلوقات أيتها العذراء؟

أنت أعظم من الجميع
يا تابوت العهد، مكسوة بالنقاوة بدلاً من الذهب
أنتِ هي التابوت الذي وُجد فيه القسط المحتوى على المنّ الحقيقي
الذي هو الجسد المتحد باللاهوت.
هل أشبهك بالأرض الخصبة المثمرة؟
أنك فقتيها جداً لأنه مكتوب "الأرض موطئ قدميه"
لقد حملت داخلك كل جسد الله بكماله.

إذا قلت أن السماء ممجدة فهي لا تساويك
لأنه مكتوب "السموات هي عرشي" بينما أنت مكان راحته.
إذا قلت إن الملائكة عظماء، فأنك أعظم منهم جميعاً
لأن الملائكة ورؤساء الملائكة يخدمون الذي سكن في أحشائك وهم مرتعدون!
لا يجرأون على التكلم في حضرته وأنت تناجيه بحرية،

إذا قلنا إن الشاروبيم عظماء فأنت أعظم منهم جميعاً،
لأنهم يحملون عرش الله بينما انت تضمينه بيديك في حضنك،
إذا قلنا إن السيرافيم عظماء فأنت أعظم منهم جميعاً،
لأن السيرافيم تُغطي وجوهها بأجنحتها ولا تستطيع أن تنظر مجده الكامل
ولكنك ليس فقط تتفرسين فيه بل تطعمينه وتعطيه ثدييك في فمه القدوس.

إن حواء قد صارت أماً للأموات لأنه في آدم يموت الجميع
لقد أخذت حواء من ثمر الشجرة وأعطت رجلها فأكل معها،


أكلوا من الشجرة التي قال الله لهما عنها "يوم تأكلان منها موتاً تموتا"
لقد أخذت حواء من ثمرتها وأكلت منها وأعطت لرجلها ليأكل فأكل ومات.

وفيك أيتها الحكيمة سكن ابن الله ذاك الذي هو شجرة الحياة
لقد أعطانا جسده بالحقيقة فأكلنا منه ووهبت الحياة للكل.
جاء الكل إلى الحياة بنعمة الله، ابنك الحبيب،
لأجل ذلك تتهلل روحك بالله مخلصك


Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

خروج (4) اخترتك أنت ؟!

دعي الله موسي ليكون أداته ليخلص شعبه لأن صراخهم وصل إليه . , اختار الله شخصا ليس كاملا أي ليس فيه كافة المميزات التي تؤهله ليقود شعب الله خارج مصر وإيمان موسي بذاته لم يكن قويا بمقدار إيمان الله به ولكي يوضح له أنه معه أظهر له ثلاث عجائب إذ حول العصا إلي حيه ثم أرجعها ثانية ثم جعل يده برصاء وأعادها سليمة وأكد عليه بأعجوبة ثالثة وهي إن لم يصدقوا يسكب من ماء النهر أمامهم فيتحول دما ..,والله في هذه العجائب الثلاثة لم يعطه آيات فقط بل أعطاه إيمان بذاته الإلهيه ولكن هنا يظهر ضعف الإيمان البشري فرغم اختيار الله لموسي وتعضيده له بالعجائب قال له موسي :" استمع أيها أرسل بيد من ترسل " أي لترسل أحد غيري  .... أي رد جاف كان هذا مقداره من موسي تجاه الله فحمي غضب الرب علي موسي , إن أكثر شئ يزعج ويجعل الله غاضبا هي عدم ثقة البشر بقدرته  ... ولكن الله طمأنه وقال له بأن هارون أخيه سيكون هو لسانه والمتحدث بإسمه ....
ويقول العلامة أوريجان إذا بلغ موسي عمق الفهم الذي هو معرفته بنفسه كافأته النعمه بمواهب عظيمة كهذه " أنا أكون معك وأعلمك ماتتكلم به " طوبي للذين يفتح الله أفواههم ليتكلموا إنه يفتح أفواه الأنبياء ويملأها من بلاغته كما قيل هنا ... وكما قال الله بفم داوود 
" إفغر فاك وأنا أملأه " (مز 81:11) وبنفس المعني يقول القديس بولس "إنه يعطي لي كلاما عند انفتاح فمي "  (أف 6:9) إذا الله هو الذي يفتح فم الذين ينطقون بالكلمات الإلهية ..
                                 
   
                                                                           صلو عني
الثلاثاء، 20 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

خروج (3)

هناك ثلاث نقاط في هذا الأصحاح :
1ـ العذراء المشتعله باللاهوت :

هي مثال مريم والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها ولم يذبل ورقها ..هي العليقة الي رآها موسي النبي في البرية فمال لينظر هذا المنظر العجيب ..هي الزهرة السمائية التي أنبتت في الأرض المقدسة (3:5) هي العروس النقي وحاملة عنقود الحياة هي ثمرة البر والطاعة والمحبة والتضحية هي كل معني جميل للعبادة المسيحية الحقيقية .

الله ينظر من السماء:

 " إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم إني علمت أوجاعهم " (7) آه أيها الرب الإله نحن الشعب الغليظ الرقبة نطلب إليك أن تسمع صلوات الصارخين في رجاء حبك أن تطلع علينا من السماء أسرع وإطلع فهذه الكرمة التي غرستها يمينك في أرض مصر ..

3ـ من المخلص من المحنه؟؟؟! :

ظهر الله لموسي وقال له " أنا إله أبيك , إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ". (6) 
لماذا كرر الله كلمة إله ولم يقلها مرة واحدة الله يعلن بسر عجيب عن أقانيمه الثلاث  في هيئته الإلهية . الآب والإبن والروح القدس , ماذا سيصنع ؟ " فأمد يدي وأضرب مصر بكل عجائبي التي أصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم  (20)..... أنت معنا أيها الرب الإله ...

                                                                      صلو عني 
الاثنين، 19 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

فرعون الخروج من هو؟



اختلف العلماء في تحديد تاريخ الخروج، وفيما يلي ملخص لأهم الآراء[5]:

1. تم الخروج في القرن السادس عشر قبل الميلاد. نادى بهذا الرأي مانيثو المصري حوالي عام 250 
ق.م. إذ رأى أن العبرانيين قد طُردوا مع الهكسوس. لكن هذا الرأي لا يتفق مع الاكتشافات الحديثة 
ولا مع النصوص الكتابية الواردة في (خر 1: 11، 12: 40، 1 مل 6: 1).

2. تم الخروج حوالي عالم 1290 ق.م. أثناء حكم رمسيس الثاني. يرى أصحاب هذا الرأي أن الضيق حلّ بالشعب اليهودي أيام سيتي الأول (1309-1290 ق.م). واستمر في عهد خلفه رمسيس الثاني (1290 -1224 ق.م)[6]. اعتمدوا على أن بني إسرائيل بنوا مخازن مدينتيّ فيثوم ورعمسيس قائلين: أن اسم "رعمسيس" هو اسم فرعون الذي تم الخروج في عصره. لكن لا يمكن الأخذ بهذا الرأي، لأنه يحتمل أن يكون الاسم قد استخدم في عمر سابق لزمن رمسيس الثاني بزمن طويل.

3. تم الخروج في عصر يَفتاح حوالي عام 1230 ق.م.، وقد اعتمد أصحاب هذا الرأي خطأ على النصب التذكاري الذي أقامه يَفتاح، والذي يذكر فيه الانتصار على إسرائيل وغيره من الأمم التي تقطن في فلسطين في ذلك الوقت. والحقيقة أن وجود مثل هذا النصب إنما يؤكد العكس أن إسرائيل قد خرج منذ زمن واستقر في فلسطين وبعد ذلك تمت الحرب.

4. الرأي الأرجح أنه تم حوالي عام 1447 ق.م. أثناء الأسرة المصرية الثامنة عشر، أيام تحتمس الثالث، أو في زمن أمنوفس الثاني. هذا يتفق مع قضاة (11: 26)، إذ يذكر يَفتاح الذي عاش حوالي عام 1100 ق.م. أن ثلاثمائة سنة قد انقضت على دخول العبرانيين الأرض، أي دخلوها حوالي عام 1400 ق.م. فإذا أُضيفت إليها الأربعون عامًا التي قضوها في البرية لكان تاريخ خروجهم حوالي عام 1440 ق.م.

يتفق هذا الرأي أيضًا مع ما ورد في (1 مل 6: 1) أن بيت الرب قد بُنيَ في السنة الأربعمائة والثمانين لخروج الشعب من مصر. فإن كان قد بدأ سليمان في بناء الهيكل عام 967 أو 966 ق.م. يكون الخروج قد تم حوالي عام 1447 ق.م.

ويتفق هذا التاريخ أيضًا مع الاكتشافات التي ظهرت في أريحا وحاصور، ومع ما ورد في لوحات تلّ العمارنة، التي تتحدث عن شعب قادم إلى أرض فلسطين في هذا التاريخ تقريبًا، أو بعده بز
من قليل.
السبت، 17 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

تكوين { 44’ 45} توبة وترتيب إلهي عجيب

إنه الزمن المقبول وهو أيضا زمان الإفتقاد حينما تتأصل الخطية كقاعدة خرسانية في قلب الإنسان هو نفسه لايقوي علي زعزعتها .. تكون صلبه فيبني علي أساسها قبر الخطية المهجور من كل بر , إنهم إخوة يوسف الذين حجروا قلوبهم وكرهوا أخوهم يوسف وباعوه إلي مصر حتي أنهم عندما تكلموا بلغتهم أمام يوسف ولم يكن يعلموا أنه يفهمهم  " قالوا  بعضهم لبعض نعم نحن أخطانا إلي يوسف أخانا رأيناه في ضيق ولما استرحمنا لم نسمع له لذلك نزل بنا هذا الضيق " ( 42:21)..... اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم ..(مز 95 :9) ولكنهم قسوا قلوبهم وصموا آذانهم .
ماصوت يوسف وهو يسترحمهم إلا نداء وصرخات من ضمير الإنسان ولكن قساوة قلب الإنسان هو مايدفعه لإستكمال شره .
هذه هي المرحلة الأولي: (مرحلة النداء)  في رحلة البعد عن الله , الله ينادي علي غنمه التي تعرف صوته جيدا ولكن إرادة الإنسان الشريرة هي من تغلبه , وعندما رجع إخوة يوسف إلي أبيهم وكذبوا عليه بشأن افتراس أخيهم ظهرت المرحلة الثانية وهي مرحلة الكذب أو الوهم حينما يوهم الإنسان نفسه أن حياته في الخطية حياة عادية لا تأتي بخير أو بشر ولكنه علي العكس يغرق في بحار من البؤس والعذاب الأبدي إن لم يتوب ..
المرحلة الثالثة : (المجاعة ) أو الضيقة  , عندما حدثت مجاعة في الأرض نزل إخوة يوسف إلي مصر ليحصلوا علي قمح ليحيوا ...  هي مرحلة الجوع الروحي أي الجوع إلي مايشبع النفس إذ تنكشف أمام الإنسان كذبته ويصبح خاوي من الداخل ليس فيه الحياة الحقيقية المتمثله في علاقته بالسيد المسيح ..
المرحلة الرابعة :(مرحلة المواجهة ) " لماذا كافأتم الخير بالشر " (44:4) ..
المرحلةالخامسة: (مرحلة الإعتراف ) "بماذا نجيبك ياسيدي وماذا نقول لك وكيف نتبرأ بعد أن كشف الله جرمنا ..
المرحلة السادسة :  إنه زمن التوبة الذي يتغلغل فيه الشعور بالندم والإنسحاق فينبثق في القلب شعاع من النور والرقة الإلهية تبدد قواعد الظلام الخرسانية ," ( وإلا فكيف أعود إلي أبي ولا يكون الصبي معي ( الضمير ) فأري الشر ( الحزن ) الذي يحل بأبي "

سألوا أحد الآباء لماذا تبكي يا أبانا دائما قال: لأن خطاياي تجرح مشاعر الله الرقيقة دائما .
المرحلة السابعة : مرحلة الندم والتطهر والعشرة مع الله , " وعانق يوسف بنيامين أخاه وبكي, وبكي بنيامين علي عنقه وقبل سائر إخوته وبكي معهم وبعد ذلك أخذوا يكلموه.

طهرنا ياإلهنا الحنون بالبكاء علي خطايانا وأعط ينابيع دموع لأعيننا لكيما نبكي نهارا وليلا علي زلاتنا وأعطنا أن نعيش معك في عشره ونتكلم معك دائما في علاقة حب عميقة 

                                                       آمين صلو من أجلي 
الأربعاء، 14 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

حقيقة صراع يعقوب مع الله

حقيقة موضوع صراع يعقوب مع الله وفقاً لما جاء فى الكتاب المقدس: 

جاءت ترجمة كلمة "صارع" بمعنى جهاد ونضال وكفاح، وكل الترجمات الإنجليزية تذكر نفس المعنى:


جهاد وكفاح wrestling


جهاد ونضال struggle


ولم ترد أبدا كلمة صارع بمعنى "fight" وفقاً لمفهوم القتال أو المصارعة الحرة.


ويؤكد هذا قول الملاك ليعقوب "لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ"


1- لاحظ كلمة "مَعَ": فقال الملاك ليعقوب "جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ" وليس "صارعت الله".


2- لاحظ كلمة "وَالنَّاسِ": فلم يرد بالكتاب المقدس أن يعقوب صارع أشخاص مصارعة حرة، فمن هم إذن الناس الذين صارعهم يعقوب؟ لا يوجد ولم نسمع عنهم، بل الصحيح أنه جاهد مع الله ومع الناس، فقد جاهد يعقوب مع الله ودعى إسمة إسرائيل بدلا من يعقوب، وجاهد بالفعل مع عيسو لكى يأخذ البكورية، وجاهد مع أبية إسحق لكى يأخذ البركة، وجاهد مع خالة لابان لكى يتزوج راحيل...


وهكذا يتضح لنا أن كلمة صارع لم تكتب بمعنى "fight" بالمعنى العام لمفهوم القتال والمصارعة، أو حتى (المصارعة الحرة التى يطلق عليها مصارعة المحترفين!!).


ونتذكر قول السيد المسيح لبيلاطس البنطى أن لو كانت مملكتة من هذا العالم لكان خدامة يجاهدون أن لا يسلم لليهود، وهنا الجهاد جاء بمعنى القتال وقد اتت كل الترجمات الإنجليزية بهذا المعنى (Fight).


+(SVD) (يوحنا 18 : 36) أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا».


+(ASB) (يوحنا 18 : 36) أجاب عيسى: "ملكي لا ينتمي إلى هذا العالم. لو كان ملكي ينتمي إلى هذا العالم، لكان خدامي يحاربون عني لكي لا يقبض اليهود علي، ولكن ملكي لا ينتمي إلى هنا."


+ (PANT) (يوحنا 18 : 36) أجاب يسوع: "إن مملكتي ليست من هذا العالم. فلو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان رجالي يقاتلون عني فلا أسلم الى اليهود؛ ولكن، لا؛ إن مملكتي ليست من هنا". 


+(KJV) (Joh 18:36) Jesus answered, My kingdom is not of this world: if my kingdom were of this world, then would my servants
fight, that I should not be delivered to the Jews: but now is my kingdom not from hence.




لقد كان يعقوب يصارع ويكافح ويناضل ويجاهد مع ملاك الرب بدموع وجهاد حتى ينال منه البركة.
 

ويؤكد ذلك هوشع النبى: (هوشع 12: 3-4) 3«فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ وَبِقُوَّّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللَّهِ. 4جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا.


تماماً مثاما صارعت راحيل أختها ليئة وغلبت، بمعنى أنها جاهدت وحاولت أن يكون لها نسل:


(تكوين 30 : 8) فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ اخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي».


ويقاس على هذا المنوال قول بولس الرسول: 


+(أفسس 6: 12) فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.


بمعنى أن كفاحنا وجهادنا ليس مع بشر بل مع أجناد الشر الروحية.


+(تيموثاؤس الأولى 6: 12) جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً، وَاعْتَرَفْتَ الاِعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ.


+(تيموثاؤس الثانية 4: 7) قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ.




فى وسط هذه الأحداث، كان يعقوب فى حالة رعب وهلع لا وصف لها، وبحاجة إلى طوق نجاة من مطاردة خالة لابان له وعلمة بقدوم عيسو أخية الكبير له فى نفس الوقت فأدرك أنه ميت لا محالة هو وزوجاتة وأبناءة، ولذلك أراد الله تثبيت يعقوب وتشجيعه، حيث ظهر فى حلم لخالة لابان وحذرة من أن يؤذى يعقوب: 


+(تكوين 31: 24) وَأَتَى اللهُ إِلَى لاَبَانَ الأَرَامِيِّ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ».


كما ظهر ليعقوب جيش من ملائكة الله لتقويتة وتشجيعة: 


+(تكوين 32: 1-2) 1وأما يَعْقُوبُ فَمَضَى فِي طَرِيقِهِ وَلاَقَاهُ مَلاَئِكَةُ اللهِ. 2وَقَالَ يَعْقُوبُ إِذْ رَآهُمْ: «هَذَا جَيْشُ اللهِ!» فَدَعَا اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ «مَحَنَايِمَ».


ولكن ظل يعقوب في رعب، وهنا أراد الله التعامل مع يعقوب بأسلوب جديد ليشجعه ويقوية ويعطيه الثقة فى نفسه، فقد بدا الملاك كمن هو مغلوب ويعقوب كغالب، مثل والد يداعب إبنة الصغير ويظهر لإبنه أنه غير قادر علية.


وقد ظهر الملاك ليعقوب فى هذه الليلة التي بدأت بالصلاة المذكورة، ومن المؤكد أن يعقوب بعد أن أرسل هديته لأخية عيسو إستمر يجاهد في صلاته، وظهر له إنسان وصارعه حتي طلوع الفجر.


والله منح يعقوب هذه القوة للصراع والجهاد، فهو لم يكن يملك هذه القوة، لأنه كان مثل الميت فى جلدة من الأهوال المحيطة به من مطاردات خالة لابان وأخية عيسو.


هذا الصراع يشير للجهاد في الصلاة وثمرة الجهاد هو الحصول على مواعيد الله


وكما أشار هوشع النبي أن يعقوب جاهد مع الملاك: 


(هوشع 12: 4) جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ.


فهو لم يكن صراعاً جسدياً ولكنه بكاء وطلب رحمة من الله.


تمسك يعقوب بالله ولم يرخه: 


+(نشيد الأنشاد 3: 4) فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ


وهنا تغيرت حالة يعقوب من شخص خائف مرعوب إلى شخص مجاهد ورأي الله أن يعقوب في جهاده لم يستسلم بل ظل يصارع طوال الليل.


ولكن هل يمكن لأحد أن يغلب الله؟


الإجابة موجودة فى سفر النشيد: 


+(نشيد الأنشاد 6: 5) حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي.




جاء فى قصيدة بعنوان "قلبى الخفاق" للبابا شنودة الثالث عام 1961 الآتى:


+ قلبي الخفاق أضحى مضجعك

في حنايا الصدر أخفي موضعك

قد تركت الكونَ في ضوضائه

واعتزلت الكلَ كى احيا معك

ليس لي فكر ولا رأى ولا شهوة أخرى


سوى أن اتبعك

وأبي يعقوبُ أدري سره

قد عرفت الآن كيف صارعك


يا أليف القلب ما أحلاك بل أنت عال مرهب ما أروعك

يا قويا ممسكا بالسوط في كفه والحب يدمى مدمعك


وهكذا يعقوبُ ندرى سره فقد عرفنا الآن كيف صارع الله!!!
 

نعم يمكن للإنسان ان يغلب الله بالدموع والتوبة ويعقوب هنا بكي وإسترحم الله.


وحتي لا يأتي إنتصار يعقوب بنتيجة عكسية فيدخل في الكبرياء ضرب الملاك حق فخذه فإنخلع.


كما سمح الله لبولس بشوكة في الجسد لكي لا يرتفع من فرط الإستعلانات.


+(كورنثوس الثانية 12: 7) وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ.


وحق الفخذ هو مفصل الفخذ وكلمة ضرب في العبرية تأتي بمعني لمسة خفيفة كما جاء فى الترجمة اليسوعية "لمس حق فخذه" وهذا لو أدي لخلع المفصل يكون من لمس يعقوب ليس إنساناً عادياً.


الاثنين، 12 أغسطس 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

قانون صلاة جزء من رسالة للقديس ثيوفان الحبيس


أنتَ تسأل عن قانون صلاة. نعم، هذا جيد لا بل جيد جداً أن يكون لنا قانون صلاة بسبب ضعفنا، حتى، من جهة، لا نستسلم للكسل، ومن جهة أخرى نوجّه حماسنا إلى ما يناسب. إن ممارسي الصلاة العظماء حفظوا قانوناً محدداً. إنهم دائماً يبدأون بقطع محددة، وإذا انطلقت خلالها الصلاة من ذاتها، يضعون هذه القطع جانباً ويصلّون هذه الصلاة. كون هذا ما فعله المصلّون العظماء يجعله سبباً كافياً لنا كي نقوم به. بدون الصلوات المعروفة، لن نعرف كيف نصلي، وبالتالي، نبقى بلا صلاة.
في أي حال، ليس المرء بحاجة إلى صلوات كثيرة. إن تلاوة عدد قليل من الصلوات بشكل حسن أفضل من الاندفاع بصلوات كثيرة، لأن من الصعب الحفاظ على الحرارة في الصلاة عندما نصلّي بسرعة.
أنا أرى أن صلوات الصباح والمساء، كما هي في كتب الصلوات، كافية لك تماماً. فقط حاول في كل مرة أن تقوم بها بانتباه كلي وأحاسيس منسجمة. ولتكون أكثر نجاحاً في هذا، إمضِ قليلاً من وقت فراغك في قراءة كلٍ من هذه الصلوات على حدة. تفكّر بها وتحسّسها، حتى تتعرف إلى الأفكار المقدسة التي فيها عندما تتلوها في قانونك. الصلاة لا تعني أن نسرد الصلوات فقط، إنّما أن نهضم محتواها في ذواتنا، وننطق بها وكأنها تخرج من أذهاننا وقلوبنا.
بعد أن تكون قد استوعبت الصلوات وأحسست بها، إعمل على حفظها. عندها لن تحتاج إلى تلمّس الكتب عند وقت الصلاة، كما ولن يشوّش عليك شيء خلال صلاتك، بل تكون المحافظة على التضرع الذهني إلى الله أكثر سهولة عليك. سوف ترى بنفسك كم أنّ هذا يساعد. أنْ يكون كتاب صلواتك معك أينما ذهبت وفي كل وقت هو أمر بالغ الأهمية.
وعند وقوفك للصلاة، مهيأً هكذا، انتبه أن تحفظ فكرَك من التيهان وذهنك من البرودة واللامبالاة، مجهداً نفسك بكل الوسائل لتحفظ انتباهك وتجعل وجدانك حاراً. قمْ بقدرِ ما تريد من السجدات بعد انتهائك من تلاوة كل من الصلوات، مرفِقاً إياها بصلاة من أجل إحدى حاجاتك، أو بصلاة قصيرة. هذا سوف يطيل وقت صلاتك بعض الشيء، لكنه يزيد من قوتها. يجب أن تصلّي قليلاً لوحدك، خاصةً عند نهاية صلواتك، طالباً الغفران عن شرود الذهن وواضعاً نفسك بين يدي الله طيلة النهار المقبل.
يجب أن تحفظ أيضاً انتباهاً صلاتياً نحو الله خلال النهار. لهذا، كما ذكرنا أكثر من مرة، تذكّر الله بصلوات قصيرة. إنه جيد، وجيد جداً في بعض الأحيان، أن تحفظ عدداً من المزامير وتتلوها بتركيز فيما أنت تعمل، أو بين العمل والآخر، بدل الصلوات القصيرة. إن هذه الممارسة هي من أقدم العادات المسيحية وهي مذكورة ضمن قوانين القديسَين باخوميوس وأنطونيوس.
بعد قضاء النهار على هذا المنوال، يجب أن تصلّي باجتهاد أكبر وبتركيز أقوى في المساء. أكثِرْ من السجدات والتضرعات إلى الله، وبعد أن تضع نفسك بين اليدين الإلهتين مجدداً، إذهب إلى السرير مع صلاة قصيرة على شفتيك ونَمْ معها أو اتلُ بعض المزامير.

أيٌّ من المزامير يجب أن تحفظ؟ إحفظ تلك التي تنفُذ إلى قلبك عند قراءتها. المزامير الفعّالة تختلف بين شخص وآخر. إبدأ بـِ: إرحمني يا الله (المزمور الخمسون)، بعدها باركي يا نفسي الرب (المزمور 103)، سبحي يا نفسي الرب (المزمور 146). الأخيران هما مزامير الأنديفونات. أيضاً يوجد  في القانون مزامير للمناولة المقدسة: الرب راعيّ (المزمور 23)، للرب الأرض وكل ما فيها (المزمور 24)، آمنت ولهذا تكلمت (المزمور 116)، والمزمور الأول من صلاة المساء أللهم بادر إلى معونتي يا رب أسرع إلى إغاثتي (المزمور 70). كما أن هناك مزامير الساعات وما شابه. إقرأ كتاب المزامير واختَرْ. .........................


أن جوهر الصلاة هو رفع الذهن والقلب إلى الله وهذه القوانين هي أدوات مساعدة لا نستطيع الوصول بدونها بسبب ضعفنا. ليباركك الله.

القديس ثيؤفان الحبيس.


Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

تفسير التكوين أصحاح 43 لقمص تادرس يعقوب ملطي

التكوين 43 - تفسير سفر التكوين

اللقاء الثاني مع يوسف


في اللقاء الأول تظاهر يوسف بالجفاء معهم واتهمهم أنهم جواسيس، وفي هذا اللقاء جاءوا إليه مرتعبين ولم يستطيعوا أن يتعرفوا عليه حتى جاء اللقاء الثالث فحنت أحشاؤه عليهم فأطلق صوته بالبكاء وأعلن لهم ذاته (٤٥: ٢، ٣). كأنهم يلتقون بيوسف في المرة الثالثة خلال قيامته في اليوم الثالث فيعرفونه كسرّ حياتهم وكأخ حقيقي لهم، أما اللقاءان الأولان فيحملان لهم الكثير من الآلام.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

١. الحاجة إلى طعام:

اشتد الجوع بالأرض حتى اضطر يعقوب أن يحثهم على العودة إلى مصر لشراء طعام لهم. عندئذ سأله يهوذا أن يسمح لهم بأخذ بنيامين أخيهم، إذ سبق فأشهد عليهم الرجل سيد الأرض أنهم لن يروا وجهه ما لم يكن معهم أخوهم. وإذ كان إسرائيل مستاءً للأمر صار يعاتبهم لماذا ذكروا للرجل عن وجود أخ أصغر لهم فقالوا له بأنه استدرجهم في الحديث وعرف منهم كل شيء. أخيرًا وقف يهوذا كضامن لأخيه الأصغر إذ قال لإسرائيل: "أرسل الغلام معي لنقوم ونذهب ونحيا ولا نموت نحن وأنت وأولادنا جميعًا. أنا أضمنه، من يدي تطلبه، إن لم أجئ به إليك قدامك أصر مذنبًا إليك كل الأيام" [٨-٩].
لقد حمل يهوذا وبنيامين رمزًا للسيد المسيح كل من جانب معين. فيهوذا يمثل السيد المسيح بكونه الضامن لأخيه الأصغر أمام أبيه يلتزم برده، إذ جاء كلمة الله متجسدًا كأخ بكر لنا خارجًا من سبط يهوذا ليتقدم للآب كضامن لنا يفدينا بدمه. حقًا لقد صرنا نحن الأصغر لا بالنسبة للسيد المسيح فهو رأس كل خليقة وموجدها وإنما بالنسبة للخليقة العاقلة السماوية إذ أحدرتنا الخطية جدًا... ومع هذا فإننا في عيني الله الآب كبنيامين يعتز بنا، مقدمًا الابن لأجل خلاصنا. هذا وبنيامين من جانب آخر يقدم لنا رمزًا للسيد المسيح الذي صار "الأصغر" إذ أحتل آخر الصفوف ليضم كل البشرية بالحب. صار الأصغر كبنيامين إن لم ينطلق من كنعان إلى مصر لن ينعم أخوته بالطعام... وكأنه بكلمة الله، الابن المحبوب الوحيد الجنس والجالس عن يمين العظمة، ينزل إلى مصر كواحد منا حتى نجد فيه شبع الروح.
يقول يوسف: "لا ترون وجهي بدون أن يكون أخوكم معكم[٤]... وكأنه صوت الآب لنا، إنه لن نرى وجهه ولا ننعم بخبزه السماوي ولا شركة أمجاده إن لم نظهر أمامه في المسيح يسوع ومعه! بدونه لن نلتقي بالآب ولا يكون لنا موضع في حضنه الإلهي، وكما يقول الرسول بولس: "اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة" (أف ١: ٤).
إذ لم يكن يوجد طريق آخر للخلاص أرسل يعقوب بنيامين إلى أرض مصر، كما طلب من أولاده أن يحملوا من أفخر جني الأرض في أوعيتهم: قليلًا من البلسان وقليلًا من العسل وكثيراء (نوع من الصمغ كان يستخدم في الطب والتغرية، تسمى أشجارها شوكة المغري Astraaglus، وقد دعيت كثيراء ربنا لأنه عندما توضع في الماء يزداد حجمها) ولاذنًا (نوع آخر من الصمغ يسمى Cistus Creticus، وربنا نوع من اللبان إذ يدعى بالعامية "لادن") وفستقًا ولوزًا، كما سألهم أن يردوا الفضة التي وجدوها في عدالهم وفضة أخرى ثمنًا لما يشترونه.
كأنه لكي يلتقي أبناء إسرائيل بيوسف يليق بهم أن يتقدموا بثلاثة أمور:
أولًا: يأخذون بنيامين معهم، الذي بدونه لن يروا وجه يوسف. وكما قلنا يرمز للسيد المسيح الذي فيه ومعه نلتقي بالآب في أمجاده السماوية.
ثانيًا: الهدايا التي هي أفخر جني الأرض، إنما هي ثمار الروح القدس التي يقدمها لنا الآب بروحه القدوس، نحملها هدية حب له. إن كان هو العامل فينا لأجل مسرته (في ٢: ١٣)، فإننا من عمله نقدم له ما يبهجه، وكما يقول داود: "من يدك أعطيناك" (١ أي ٢٩: ١٤). حقًا إن ثمر الروح القدس من محبة وفرح وسلام وطول أناة ولطف وصلاح وإيمان ووداعة وتعفف (غل ٥: ٢٢، ٢٣) إنما هو بلسان يشفي النفس وكثيراء ولاذن يستخدم كعلاج لها، كما هو عسل يحمل حلاوة للقلب وعذوبة للفكر، وهو فستق ولوز يشبع الأعماق كطعام... نقدم ما تمتعنا به كسرّ علاج للنفس وشبع وعذوبة لها هدية حب للآب في ابنه تسره.
ثالثًا: ردّ الفضة التي وجدوها في عدالهم، إنما يشير إلى فهم رموز العهد القديم ونبواته، أما الفضة الجديدة فهي التمتع بإدراك العهد الجديد والتعرف على إنجيل المسيح فإن كانت كلمة الله هي فضة ممحصة (مز ١٢: ٦)، يليق بنا أن نلتقي بالله خلال تقديم هذه الفضة معلنة في حياتنا ومتجلية في سلوكنا، معلنين فهمنا الروحي الناموسي وإدراكنا للإنجيل عمليًا كل يوم!
St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

٢. لقاء في بيت يوسف:

إذ رأى يوسف أخاه بنيامين مع أخوته  "قال للذي على بيته ادخل الرجال إلى البيت، واذبح ذبيحة، وهيئ، لأن الرجال يأكلون معي عند الظهر" [١٦]. هكذا طلب يوسف من رئيس خدمه الموكل على بيته أن يهيئ مائدة لاخوة يوسف... لكن الرجال إذ أدخلوا إلى بيت يوسف ظنوا إنما أدخلهم لكي يمسك بهم وينتقم منهم بسبب الفضة التي وُجدت في عدالهم، لكن الموكل طمأنهم، قائلًا لهم: "سلام لكم لا تخافوا. إلهكم وإله أبيكم أعطاكم كنزًا في عدالكم، فضتكم قد وصلت إليَّ[٢٣]. يبدو أن يوسف كان قد لقن هذه الكلمات للرجل حتى يبعث في قلوب إخوته الطمأنينة، خاصة وأن الرجل أخرج إليهم أخاهم شمعون ليلتقوا به، كما قدم لهم ماء يغسلون أرجلهم، وأعطاهم عليقًا لحميرهم، وإذ جاء يوسف إليهم في بيته سألهم عن سلامة أبيهم، وإذ تأكد من بنيامين أخيه "أستعجل يوسف لأن أحشاؤه حنت إلى أخيه وطلب مكانًا ليبكي، فدخل المخدع وبكى هناك. ثم غسل وجهه وخرج وتجلد وقال قدموا طعامًا. فقدموا له وحده ولهم وحدهم وللمصريين الآكلين عنده وحدهم، لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعامًا مع العبرانيين لأنه رجس عند المصريين. فجلسوا قدامه البكر بحسب بكوريته والصغير بحسب صغره، فبهت الرجال بعضهم إلى بعض، ورفع حصصًا من قدامه إليهم، وكانت حصة بنيامين أكثر من حصص جميعهم خمسة أضعاف وشربوا ورووا معه" [٣٠-٣٤].
هذا هو اللقاء الثاني الذي تم بين يوسف وأخوته، وقد ظهر الفارق واضحًا بين لقائه الأول (ص ٤٢) وهذا اللقاء، فالأول يقدم لنا ظلًا للقائنا مع السيد المسيح خلال آلام صلبه أما هنا فنلتقي معه في قبره، لكي في اللقاء التالي (الثالث) ننعم باللقاء معه خلال قيامته... وإن كنا لا نستطيع الفصل بين الصلب والدفن والقيامة بكونهم يمثلون عملًا خلاصيًا متكاملًا لا يمكن تجزئته.
في هذا اللقاء نتلمس ظلالًا لعمل السيد المسيح الخلاصي من جوانب كثيرة منها:
أولًا: في اللقاء الأول يظهر يوسف جافيًا ويتهمهم أنهم جواسيس، وإن كان الكتاب يعلن أنه لم يحتمل مرارة أنفسهم بل "تحول عنهم وبكى" (٤٢: ٢٤). إنه في لقاؤنا مع السيد المسيح في لحظات الصلب حيث كان العدل الإلهي يقتص الدين في جسد السيد المسيح ويستوفيه وكانت أعيننا غير قادرة على إدراك محبة الله الخفية والفائقة للعقل. أما هنا فلا نجد في اللقاء جفاءً بل حنوًا وطعامًا... فعندما دفن السيد المسيح في القبر أمكن للبشرية الراحلة على رجاء أن تلتقي به وتتعرف على محبته وتقبل المخلص طعامًا روحيًا يهب خلودًا أبديًا.
اللقاء الأول تم خارج بيت يوسف، إذ صلب السيد المسيح خارج المحلة ويطالبنا الرسول أن نخرج معه حاملين عاره (عب ١٣: ١٣)، أما هذا اللقاء فتم في بيت يوسف إذ تم تلاقٍ بين الراحلين على رجاء وبين السيد المسيح المدفون وذلك في الفردوس حيث حملهم كغنيمة محبته إلى بيته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وكما قال السيد للص اليمين: "اليوم تكون معي في الفردوس".
ثانيًا: دخل يوسف المخدع وبكى هناك، تم غسل وجهه وتجلد وقال: قدموا طعامًا. ما هو هذا المخدع الذي بكى فيه يوسف الحقيقي ثم غسل وجهه وخرج إلاَّ قبره المقدس، الذي فيه تلاقى مع الموت وغسل موتنا لا بدموعه بل بدمه الطاهر، وخرج بالقيامة ليعطينا جسده المقام حياة أبدية؟!
ثالثا: كان ليوسف مائدة خاصة ولإخوته العبرانيين مائدة والمصريين مائدة ثالثة. اجتماع الكل معًا إنما يشير إلى وحدة الكنيسة في الرأس، حيث يجتمع رجال العهد القديم مع رجال العهد الجديد في المسيح يسوع، إذ كان يوسف يمثل الرأس له مائدته الخاصة بكونه البكر، والعبرانيين يمثلون رجال العهد القديم الذين قبلوا في الكنيسة بيت يوسف طعامًا خاصًا خلال الناموس والأنبياء، والمصريون يمثلون رجال العهد الجديد أي كنيسة الأمم التي تمتعت بمائدة الإنجيل.
رابعًا: إذ جلس العبرانيون أمام يوسف بهتوا متطلعين كل واحد نحو الآخر، فقد جاء ترتيبهم في الجلوس متفقًا مع أعمارهم... تُرى هل كان الرجل يعرفهم؟!
إن كان العبرانيون لم يعرفوا يوسف لكنه كان يعرفهم تمام المعرفة وقد هيأ لكل واحدٍ منهم موضعًا يليق به، وكأنه بالسيد المسيح الذي يعرفنا قبلما كنا نعرفه، يعرفنا بأسمائنا (يو ١٠: ٣)، ويدبر خلاصنا مقدمًا لكل واحد منا منزلًا خاصًا في بيت أبيه (يو ١٤: ٢). يعرفنا ويعرف قامة كل واحد منا في الروح، وكما يقول الرسول: "لأن نجمًا يمتاز عن نجم في المجد" (١ كو ١٥: ٤١).
خامسًا: رفع حصصًا من قدامه إليهم، وكانت حصة بنيامين أكثر من حصص جميعهم خمسة أضعاف. ما ناله من حصص في المجد إنما يهبه لنا من قدامه، إذ نصير "شركاء معه في المجد".
لعل ما ناله بنيامين خمسة أضعاف حصص الآخرين، يشير إلى عطية الله لنا بتقديس حواسنا الخمسة لتكون مملوءة شبعًا ومجدًا بالمسيح يسوع مشبعها.
سادسًا: لكي يتم هذا اللقاء المفرح والمشبع، الذي أبهج قلب يوسف إذ لم يكن يحتمل رؤية أخوته خاصة بنيامين فكانت أحشاؤه تلتهب حنينًا وحبًا، ودهش الرجال فكانوا ينظرون ما يحدث كأمر فائق لإدراكهم... يجتمعون بأخيهم شمعون ويجالسون سيد الأرض ويأكلون في بيته، ويقدم لهم من قدامه كان لزامًا أن يتهيأ الرجال هكذا: الدخول إلى بيت يوسف، غسل أرجلهم بالماء، تقديم طعام لحميرهم، جلوسهم على المائدة.
ما هو الدخول إلى بيت يوسف سوى الدخول إلى العضوية الكنسية لنصير بالحق في بيت الرب خلال مياه المعمودية، وما هو غسيل الأرجل بالماء إلاَّ تقديم التوبة التي تغسل آثامنا وما تعلق بأنفسنا من تراب خلال رحلتنا، أما الطعام للحمير فيشير إلى تقديس الجسد الذي كان حيوانيًا بشهواته فلا تسمح له بالشبع خلال ملذات العالم إنما خلال الحياة المقدسة في بيت الرب، وأخيرًا الجلوس على المائدة إنما يشير إلى التمتع بذبيحة الأفخارستيا... هذه كلها وسائط خلاصنا التي ننعم بها في كنيسة المسيح بالروح القدس خلال الصليب.

سابعًا: نختم حديثنا عن هذا اللقاء بتعليق القديس يوحنا الذهبي الفم على بكاء يوسف عندما شاهد أخوته: [لنتمثل بهذا الرجل، فحزن ونبكي على الذي يضروننا، ليتنا لا نغضب عليهم، فإنهم بالحق يستوجبون الدموع من أجل العقوبة التي تحل بهم والدينونة التي يلقون أنفسهم فيها[434]].
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

تفسير التكوين أصحاح 42 لقمص تادرس يعقوب ملطي

إذ حرم إخوة يوسف أنفسهم من يوسف ببيعهم إياه فقدت كنعان كلها البركة ودخلت في مجاعة بينما تباركت مصر بيوسف وصارت مصدر شبع للجائعين. والآن إذ شعر هؤلاء الإخوة بالجوع اضطروا للرحيل إلى مصر ليشتروا لأنفسهم قمحًا، وكأنهم يمثلون جماعة اليهود التي خانت السيد المسيح وباعته بقليل من الفضة، في آخر الأيام إذ تشعر بالجوع الحقيقي  تترك كنعان وتنطلق إلى مصر، إي إلى كنيسة الأمم تبحث عمن فقدته: الإيمان بالسيد المسيح. لكنها لا تستطيع أن تلتقي به مادامت متعصبة لصهيونيتها مرتبطة بمطامع زمنية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

١. يعقوب يُرسل أولاده إلى مصر:

"فلما رأى يعقوب أنه يوجد قمح في مصر، قال يعقوب لبنيه: لماذا تنظرون بعضكم إلى بعض. وقال: إني سمعت أنه يوجد قمح في مصر، أنزلوا إلى هناك واشتروا لنا من هناك لنحيا" [١-٢].
سمع يعقوب عن وجود قمح في مصر، ربما من التجار الذي يتبادلون السلع مع مصر، أو من الشعوب المحيطة به التي اضطرت أن تنزل إلى مصر لتشتري قمحًا من هناك، لذا بدأ يحثهم على النزول لشراء قمح. ويلاحظ في النص الذي بين أيدينا الآتي:
أ. يكرر كلمة "يعقوب" أكثر من مرة، ولم يقل "إسرائيل" مع أنه كان قد أخذ الوعد أنه لا يدعى بعد "يعقوب" بل "إسرائيل". لكن يعقوب هنا لا يمثل شبع الله بل "اليهود" الذين فقدوا الإيمان بالسيد المسيح أي يوسف الحقيقي... إنهم لا يُحسبون إسرائيل الروحي ولا شعب الله بسبب جحودهم.
ب. الآن يلجأ يعقوب خلال أولاده إلى أرض مصر لكي يحيوا ولا يموتوا، فقد خسر اليهود سرّ حياتهم - يوسف الحقيقي -  بينما قبل الأمم - مصر - مصدر الحياة الحقة.
ج. يقول لهم يعقوب: "انزلوا إلى هناك"، فقد أتسم اليهود بالكبرياء الذي دفعهم للجحود، لذا تأتي الدعوة لكل نفس متكبرة أن تنزل عن كبريائها لتذهب إلى هناك. أي إلى كنيسة السيد المسيح المتسمة بروح عريسها المتواضع.
د. يقول يعقوب لهم: "لماذا تنظرون بعضكم إلى بعض؟!"... كان يليق بهم أن ينظروا إلى موضع الشبع، إلى حيث يوسف موجود، عوض أن ينظروا إلى بعضهم البعض. وكأن كلمات يعقوب هذه تمثل دعوة للنفس أن تنطلق من انغلاقها وتقوقعها حول ذاتها إلى الانفتاح على السيد المسيح. القلب المغلق يعيش جائعًا، أما المنفتح لله والناس فيشبع بالله مصدر كل شبع.
ه. كان عدد النازلين إلى مصر عشرة من إخوة يوسف [٣]، ولم يكن بينهم بنيامين إذ خشى يعقوب لئلا يُصاب بسوء كما حدث لأخيه يوسف. هذه الانطلاقة الأولى للعشرة إنما تشير إلى الانطلاق للسيد المسيح خلال إدراكنا الروحي للناموس (١٠ وصايا الناموس)، لكنه لن نلتقي بيوسف على مستوى الحب إلاَّ ببنيامين (ابن اليمين)، إي بارتباطنا بالإنجيل الذي يهبنا حق التمتع بيمين الله.
St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

٢. المثول بين يديّ يوسف:

إذ كانت كنعان في رخاء لم يفكر يعقوب وبنوه في للقاء بيوسف، وربما نسى أبناء يعقوب يوسف وظنوا أنهم لن يروه بعد، لكن الله في محبته سمح بالجوع في كنعان حتى يلتقي الكل بيوسف. الله لا يشتاق إلى مذلتنا ولا يطلب لنا الجوع، لكننا إذ نفقد يوسفنا الداخلي تصير أعماقنا جافة وفي قحط، فيسمح الله بالجوع يحل بالأرض لا لشيء إلاَّ لنكتشف الجوع الداخلي ونطلب يوسفنا يشبع الداخل كما الخارج.
ويقول الكتاب: "كان يوسف هو المسلط على الأرض، وهو البائع لكل شعب الأرض، فأتى إخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض" [٦].
St-Takla.org         Image: Joseph, Overseer of Pharaoh's Granaries, by Lawrence Alma Tadema, 1874 صورة: القديس يوسف الصديق، لوحة للفنان الرسام لورانس ألما تاديما بعنوان: يوسف، القيِّم على مخازن فرعون، 1874
St-Takla.org Image: Joseph, Overseer of Pharaoh's Granaries, by Lawrence Alma Tadema, 1874
صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة القديس يوسف الصديق القيِّم على مخازن فرعون، 1874، لوحة للفنان الرسام لورانس ألما تاديما
كان يوسف هو المتسلط على مصر يدبر أمورها المالية، وقد قام ببيع القمح بنفسه في مخازنها في الحدود الشرقية، ربما لكي يطمئن إلى الغرباء القادمين لشراء القمح لئلا يعبثوا بالبلاد، أو ربما لأن حنينه كان ملتهبًا نحو أبيه وأخوته، فكان ينتظر مجيئهم ليشتروا القمح فيتعرف عليهم. وبالفعل إذ جاء إخوته عرفهم فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء أي تحدث معهم كغريب عنهم. وقد حملت تصرفات يوسف في هذا اللقاء معانٍ كثيرة، نذكر منها:
أ. إذ يمثل يوسف السيد المسيح، عرف إخوته وتنكر لهم أما هو فلم يعرفوه... جاء السيد المسيح الذي يعرفنا بأسمائنا، لكنه إذ حمل طبيعتنا وصار في الهيئة كإنسان لم يستطع إخوته اليهود أن يعرفوه، وكما يقول الرسول: "ولو عرفوا رب المجد لما صلبوه".
ب. تحدث معهم بجفاء بل واتهمهم كجواسيس لا لينتقم منهم، إذ كانت أحشاؤه ملتهبة فيه... وعندما سمعهم يتحدثون في مرارة متذكرين ما فعلوه به وهم لا يدرون أنه يوسف: "تحول عنهم وبكى[٢٤]. إنما كان قصده بهذا الجفاء ألاَّ يعرفوه سريعًا حتى لا يخافوا منه، ومن ناحية أخرى أراد أن يستفسر عن أبيه وأخيه بنيامين بطريقة غير مباشرة، كما كان يخطط لإحضار الجميع ليعيشوا معه في خيراته. وقد نجح يوسف في تحقيق كل هذه المقاصد حتى وإن تظاهر في البداية بمظهر الجفاء.
الله في حبه لنا يبدو أحيانًا جافيًا لا ليحرمنا من حنوه وإنما ليحقق فينا غايته، ويدخل بنا إلى أسراره والتمتع بنعمه بطريقته الإلهية الفائقة لإدراكنا.
ج. تذكر يوسف الأحلام التي حلم عنهم [٩]... فقد يطول بنا الوقت ونظن استحالة تحقيق وعود الله، لكنه يهبنا تحقيق وعوده في الوقت المعين وبطريقة فائقة لم نكن نتوقعها.
د. أمر بحبسهم ثلاثة أيام... وكأنه أراد أن يؤدبهم ولكن في حنو لعلهم يذكرون خطيتهم من نحو دمه البريء؛ وفي اليوم الثالث تحدث معهم برفق: "افعلوا هذا واحيوا. أنا خائف الله. إن كنتم أمناء فليحبس أخ واحد منكم في بيت حبسكم وانطلقوا أنتم وخذوا قمحًا لمجاعة بيوتكم، واحضروا أخاكم الصغير إليّ فيتحقق كلامكم ولا تموتون" [١٨-٢٠]. لقد أراد أن يطمئنهم أنه لا يستبد بهم فهو خائف الله، لكنه يطلب التحقق من صدق أقوالهم بإحضار الابن الأصغر إذ كان قلبه ملتهبًا نحو رؤيته، وعلامة حنوه أنه وهبهم أن يأخذوا قمحًا لبيوتهم، قائلًا: "لا تموتون"... هذا وقد وضع فضتهم في عدالهم (جوالقهم)، إذ لا يطلب منهم ثمنًا للطعام الذي يقدمه.
لقد سبق فسُجن يوسف، والآن يحبس أخوته ثلاثة أيام ليخرجوا فيجدوا يوسف يهبهم القمح لهم لعائلاتهم، سائلًا إياهم أن يكونوا أمناء فيحضروا أخاهم الأصغر. إنه حديث السيد المسيح الذي دُفن في القبر كما في سجن وقد وهبنا أن ندفن معه ثلاثة أيام لننعم بقوة قيامته عندئذ نتقبله خبزًا سماويًا يشبعنا نحن وكل عائلاتنا أي يشبع النفس مع الجسد والعقل وكل مالنا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا فيموقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). أما سؤاله عن الابن الأصغر إنما هي دعوة للعمل، فلن يستريح قلب السيد المسيح من جهة الكنيسة ما لم تأتِ إليه بالأصغر، أي تبحث عن كل نفس ليقتنيها لحسابه... يبقى السيد المسيح يطلب من كنيسته أن تعمل لتأتي إليه ببنيامين، أي تقدم الكل كابن عن يمين الله. بهذا الروح يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن الله يرضى بهذا العمل كثيرًا، حتى أنه لو صنع الإنسان كل التقشفات ولو قمع جسده بكل نسك، ولو صام حياته كلها ونام على الحضيض، ولو وزع كل مقتنياته على الفقراء والمساكين، فهذه كلها لا توازي غيرة خلاص النفس[431]].
ه. كانت كلمات يوسف لهم: "افعلوا هذا واحيوا... لا تموتوا" [١٨، ٢٠]. هذه هي دعوة السيد المسيح القائم من الأموات، يريدنا أن ندفن معه لننعم بالحياة المقامة فلا نموت، وكما يقول الرسول بولس: "فَدُفِنَّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة، لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته" (رو ٦: ٤، ٥).
و. لماذا قيد يوسف شمعون أمام عيونهم [٢٤]؟ بلا شك لم يقيده حقدًا ولا انتقامًا... وربما فك قيوده وأحسن معاملته بعد رحيل إخوته، إنما أراد أن يثير فيهم الإسراع بإحضار بنيامين حتى تُفك قيود شمعون أخيهم، وتُرد له حريته. هذا ومن جانب آخر فإن كلمة: "شمعون" معناها "سمع"، فهو يشير إلى الاستماع لصوت الله أو الطاعة له، لذا فإن تقييده إنما يكشف عن فقدان اليهود لروح الاستماع لصوت الله والطاعة له.
هذا ويرى البعض أن شمعون كان قاسيًا جدًا على يوسف وأنه هو الذي اقترح بقتله (٣٧: ١٩، ٢٠) فاستحق التأديب ليشعر بخطيته ويقدم توبة عن تصرفاته.
كان رأوبين (ابن الرؤيا) يوبخ اخوته: "ألم أكلمكم قائلًا لا تأثموا بالولد وأنتم لم تسمعوا، فهوذا دمه يُطلب[٢٢]. إنه يمثل "ابن الرؤيا" أي البصيرة التي تنفتح لتدرك الخطأ الذي ارتكبه الإنسان وتدفعه للتوبة على ما صنع. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [عندما ترون أمرًا ما يحدث لكم اذكروا خطيتكم "التي جلبت هذا عليكم" [432]].
St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

٣. العودة إلى كنعان:

عاد إخوة يوسف بدون شمعون إلى أبيهم في أرض كنعان ليخبروه بكل ما أصابهم، وكيف اُتهموا بأنهم جواسيس، وأن الرجل "سيد الأرض" قال لهم: "بهذا أعرف إنكم أمناء. دعوا أخًا واحدًا منكم عندي وخذوا لمجاعة بيوتكم وانطلقوا واحضروا أخاكم الصغير إليّ، فأعرف أنكم لستم جواسيس بل أنكم أمناء فأعطيكم أخاكم وتتجرون في الأرض[٣٣-٣٤]... وكان تعليق يعقوب: "أعدمتموني الأولاد، يوسف مفقود وشمعون مفقود وبنيامين تأخذونه، صار كل هذا عليّ[٣٦]. وكان أن رأوبين قال لأبيه: "أقتل أبني إن لم أجئ به إليك، سلمه بيدي وأنا أرده لك" [٣٧].
عاد بنو يعقوب بلا شمعون فظهرت أعماقهم التي كانت مختفية، ظهروا أنهم كانوا في قلبهم لا يحملون "الاستماع لله"... فصار الظاهر وهو يمثل مرارة للجميع يكشف عن الموقف الداخلي الذي تجاهلوه زمانًا طويلًا.
دعوة يوسف "سيد الأرض" دون أن يعرفوه فشهدوا له من ورائه أن فيه تحققت الأحلام التي كانوا لا يطيقون تذكرها... هذا السيد ليس مستبدًا إنما يطلب أمانتهم برد بنيامين أخيه إليه.
رفض يعقوب تسليم ابنه بنيامين لئلا تصيبه أذية في الطريق كأخيه يوسف، عندئذ كما يقول: "تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية" [٣٨]... هذه هي مشاعر الأبوة الصادقة، فإن سقوط أي ابن لنا مهما كان صغيرًا ينزل شيبتنا بحزن كما إلى الهاوية. هذه الشاعر التي ترجمها الرسول بولس بقوله: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يسقط وأنا لا التهب؟!" وقد تحدث القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا عن هذه الأبوة الحانية نحو كل نفس في المسيح يسوع[433].

لكن يعقوب يقول: "تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية"، إذ لم يكن بعد باب الفردوس قد انفتح... فكان الموت بالنسبة له انحدارًا!!
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

Popular Post

Blogger templates

Blog Archive

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

About

قائمة المدونات الإلكترونية

Seacrh By Labels

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Followers

Powered By Blogger

Advertisement

About

- Copyright © "دعونا نتأمل يقول الروح " -Metrominimalist- Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -