Archive for أكتوبر 2013

القمر البدر _ باييسيوس الآثوسي





انحدرتُ ذات مساء إلى مَنسك الشيخ باييسيوس. وفي تلك الفترة كان قد تغلغل إلى نفسي فكرُ كبرياء، أتى من الصلاة القليلة التي كنت أحاول القيام بها. وإذ كان ذهني متجمعاً بعض الشيء ابتدأت في رؤية الأمور على نحو أكثر نقاءً من ذي قبل، ولكن لم يكن عندي فكرٌ متواضع، وقد تَشَامخ فكري، فقلتُ في نفسي إني "شيء عظيم".

قمتُ بزيارة الشيخ وتلك الأفكار المتكبِّرة تُراودني، ولكني لم أُطلِع الشيخ على أفكاري تلك. كانت تلك الأفكار بجملتها مَرويَّةً بالكبرياء.

ومن دون أن يوجِّه الشيخ لي أيَّة كلمة بهذا الصدد شَرَعَ يقول: 

لقد تذكَّرتُ أنا حَدَثاً معيَّناً سأُطلعك عليه:

في إحدى الليالي، عندما كنتُ في كاتوناكيا (بآثوس)، وبينما كنت ساهراً في قلايتي أُصلي، حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ابتدأتُ أشعُرُ بفرح سماوي، وفي الوقت ذاته ابتدأت أرى قلايتي المُظلِمة، والتي كان يَكسُرُ نور المصباح ظُلمتها، تمتلئُ شيئاً فشيئاً من نورٍ فائقِ الجمال لونه أبيض سماوي.

في البداية كان النور قوياً جداً، وفهمتُ فيما بعد أنَّ عينيَّ "قد مُنِحتا قوةً" بحيث تستطيعان احتمال هذا النور. لقد كان هذا النور نوراً غير مخلوق. بَقيتُ هناك في النور ساعاتٍ طوال فاقداً الإحساس بالأمور الأرضية، وعِشتُ في عالمٍ روحيٍّ آخر مختلف تماماً عن هذا العالم الجسدي. وإذ كنتُ في تلك الحالة، في ذاك النور الإلهي غير المخلوق، تقبَّلتُ خبراتٍ سماويِّة متنوِّعة. ومَضَت الساعات من دون أن أشعُرَ بمرورها. 

ثم في وقت ما ابتدأ النورُ غيرُ المخلوق يختفي شيئاً فشيئاً، وأنا أخذتُ أعود إلى حالتي السابقة. أحسستُ بالجوع والعطش فأكلتُ بعض الطعام وشربتُ قليلاً من الماء. تعبتُ فجلستُ قليلاً لأستريح، وشعرتُ بأني مثل البهائم، فطلبتُ رحمة الله لنفسي. 

حصل لي هذا التواضع الطبيعي من جراء تلك الحالة.

لقد عدتُ من حالة روحية إلى حالة أُخرى، وإذ رأيتُ الفرق بين الحالتين لم يبقَ لي إلاَّ أن الومَ نفسي وأوبِّخها.

وقد كان يُقيمُ بالقرب من قلايتي أخ آخر. وفي الخارج كان يَلوحُ لي أنَّ الوقت لا يزال ليلاً وأنَّ هناك بَدرٌ في السماء، فخرجتُ وسألتُ الأخ في القلاية المجاورة:

"هيه، يا أخ ماذا يجري؟ هل تأخر النهار عن الطلوع؟ ما الساعة الآن؟

فسألني الأخ قائلاً: يا أبانا باييسيوس ماذا تقول؟ لم أفهم!

حينئذ فقط فهمتُ ما قد جرى. 

كانت الساعة حوالي العاشرة صباحاً، و "القمرُ البدرُ" الذي رأيته كان الشمس. ولكن النور غير المخلوق كان قوياً جداً، فلكي تتحمله عيناي نالتا من الله نعمةُ خاصة، بحيث أنَّ نور النهار والشمس كان يبدو لي مثل الليل.

هذا ما أخبرني به الشيخ باييسيوس وقال لي بعد ذلك أن أذهب حينها إلى قلايتي إذ قد وافاه بعض الزوار. 

فمشيتُ في طريقي وقد أحسَستُ بحالتي البهيميَّة.



المرجع: الشيخ باييسيوس الآثوسي عجائب وأقوال. ترجمة جوزيف بدور، مكتبة البشارة بانياس.
الاثنين، 28 أكتوبر 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

خدمة الملائكة _ الأب زوسيما



سمعت من الأبوين ثيئوناس وثيئودور الطبيب - وكلاهما على درجة عظيمة من التقوى والصدق الأكيد - أنه في مدينة الإسكندرية في أيام الأسقف يوحنا الذي من نيقية، كانت هناك فتاة يتيمة الأب والأُم، وقد تركا لها ثروتهما، ولكنها لم تكن قد تعمدت.

ودخلت مرة إلى البستان الذي تركه لها والداها (لأنه كانت توجد بساتين في وسط المدينة يمتلكها كبار القوم)، فرأت إنسانًا يحاول أن يخنق نفسه. فأسرعت إليه وسألته: ماذا تفعل يا عزيزي؟ فقال لها: أتوسل إليكِ أن تتركيني يا سيدتي لأنني في ضيقة عظيمة. فقالت له الفتاة: قل لي الحقيقة فربما يمكنني أن أساعدك. فقال لها: عليَّ ديون كثيرة والدائنون يضغطون علي بشدة، لذلك أفضّل أن أموت من أن أعيش في هذه الضيقة. فقالت له الفتاة: أرجوك خذ كل ما لي وسدِّد ديونك ولكن لا تقتل نفسك. فأخذ كل ما لها وسدِّد ما عليه!

ثم اشتد ضيق الحال بالفتاة، وإذ لم يكن لها مَن يهتم بها، إذ كانت محرومة من والديها، احتاجت، فسقطت في الزنى. 

ثم إن بعض معارفها الذين كانوا يعرفون مكانة
والديها قالوا: مَن يعلم أحكام الله وكيف يسمح لنفسٍ تسقط، ولماذا؟

وبعد زمن مرضت الفتاة ورجعت إلى نفسها وامتلأت ندمًا. وقالت لجيرانها: مِن أجل الرب اشفقوا على نفسي وقولوا لرئيس الأساقفة أن يصيّرني مسيحية. ولكنهم سخروا منها جميعاً وقالوا: هل يقبل أحد مثل هذه الزانية؟ 

فحزنت الفتاة، وإذ ظلت هكذا يائسة ظهر لها ملاك الرب في هيئة الإنسان الذي صنعت معه الرحمة وقال لها: ماذا بكِ؟

فقالت: إنني أريد أن أصير مسيحية ولا أحد يريد أن يتوسط لي. 

فقال لها: هل ترغبين في ذلك حقاً؟
فقالت: نعم أرجوك.
فقال لها: لا تيأسي إطلاًقا، فأنا سآتي بمَن يحملونكِ إلى الكنيسة.

ثم جاء بملاكين آخرين وحملاها إلى الكنيسة. ثم تحول الثلاثة إلى هيئة شخصيات لها مكانة عظيمة، واستدعوا رجال الإكليروس المسئولين عن المعمودية.

فسألهم هؤلاء: هل محبتكم تضمنوها؟
فقالوا: نعم. 

وبعد أن أجروا كافة الطقوس لإعداد المعمودية عَمدها الكهنة باسم الآب والابن والروح القدس، وألبسوها ثياب المعمدين الجدد البيضاء، ثم حملها أًولئك وأعادوها إلى بيتها ثم اختفوا عنها.

ولما رآها جيرانها بملابس بيضاء سألوها: مَن الذي عَمدكِ؟

فقالت: جاءني بعض الرجال وحملوني إلى الكنيسة وكلَّموا الكهنة فعمدوني.

فقالوا لها: مَن هم هؤلاء الناس؟ فلما لم تجد ما تجيبهم به ذهبوا وأخبروا رئيس الأساقفة بالأمر. فاستدعى الكهنة المسئولين عن المعمودية وسألهم: هل أنتم الذين عمدتموها؟ فأخبروه قائلين: طلب منا ذلك فلان وفلان وفلان من كبار القوم. ولمَّا دعا رئيس الأساقفة هؤلاء الذين ذكروهم وسألهم هل هم الذين ضمنوها؟

فقالوا: لا نعرف ولا نذكر أننا فعلنا ذلك. حينئذ علم أن هذا كان عمل الله.

ثم دعا الفتاة وقال لها: أخبريني يا بنيتي أيّ خير صنعتِ؟ 

فقالت له: إذ كنت زانية وفقيرة فأي خير أمكنني أن أصنع؟

فقال لها: َألا تتذكَّرين أنكِ صنعتِ أي خير قط؟

فقالت له: لا شيء سوى أنني رأيت إنسانًا أراد أن ينتحر لأن دائنيه كانوا يضيّقون عليه، فأعطيته كل ما كان لي لكي أخلِّصه.

وبعد أن قالت ذلك رقدت لساعتها في الرب وقد حررت نفسها من خطاياها الإرادية وغير الإرادية. فمَجّد رئيس الأساقفة الرب قائلاً: « بارُ أنت يا رب وأحكامك مستقيمة » (مز 119)

بالقدر الذي فاضت به شفقة الفتاة فاضت رأفة الرب عليها بنفس القدر في وقت احتياجها المُلّح. وهكذا أيضاً بقدر الأعمال الصالحة التي يصنعها كل منا بإرادته الصالحة ستكون مقدار النصرة التي يطلبها من الرب في لحظة إمتحانه، كما قيل عن البار: 

« إذا سقط لا ينطرح لأن الرب مُسند يده » (مز 37)



المرجع: أقوال الأب زوسيما، كتاب فردوس الآباء الجزء الثاني، إعداد رهبان ببرية شيهيت.

Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

من تفسير سفر الخروج أصحاح 32 خروج للقمص تادرس يعقوب


. تأديب موسى للشعب :
رأى موسى الشعب وقد تعرى بسبب شره، وصار هزءًا بين مقاوميه [25]. لقد تشفع عن الشعب قبل أن يرى بعينيه الشر وقبل الرب شفاعته [14]، لكنه في نفس الوقت أمر بحزم كل الذين للرب – بني لاوي – أن يقتلوا أخوتهم الذين خارج أبواب خيامهم، فقتلوا في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل [28]. لقد أخطأ الشعب، وكان لابد من التأديب. فالذين دخلوا خيامهم في خجل من خطيتهم نادمين نجوا من السيف، والدليل على ذلك أنهم إذ اجتمعوا بموسى في اليوم التالي قال لهم: "أنتم قد أخطأتم خطية عظيمة، فأصعد الآن إلى الرب لعلى أكفر خطيتكم" [20]، أما الذين لم يبالوا بما فعلوا وكانوا خارج خيامهم فقتلوا.
6. شفاعة موسى :
طلب الله من موسى أن يتركه ليحمي غضبه عليهم فيقتلهم [10] ويصيره شعبًا عظيمًا، ولكن القلب الأبوي رفض أن يترك شعبه – مهما بلغت قسوة قلوبهم – بل تشفع فيهم بقوة[1]، إذ قال: "الآن إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت" [32]... وبقيت هذه الشفاعة ينبوعًا حيًا يستقي منه الرعاة والخدام الحب الأبوي إلى يومنا هذا. وفيما يلي بعض تعليقات الآباء على هذه الشفاعة:
[قال (الله لموسى) "أصيرك شعبًا عظيمًا" (خر 32: 10)، لكنه لم يقبل، بل إلتصق بالخطاة وصلى من أجلهم. كيف أصلي؟ إنها علامة الحب يا إخوتي! كيف صلى؟ لاحظوا أن تصرفه كان كمن يحمل حنان الأم، الأمر الذي أتحدث عنه كثيرًا. لقد هدد الله الشعب الذي دنس المقدسات، لكن قلب موسى اللطيف ارتعب، معرضًا نفسه لغضب الله بسببهم، إذ قال: "يا رب، والآن إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت" [32]. بهذا نظر إلى عدل الله ورحمته في نفس الوقت. فبكونه عادلاً لا يهلك الإنسان البار (أي موسى)، وبكونه رحيمًا يغفر للخطاة[2]].
[يا لقوة الحب! يا لكماله الذي يفوق كل  كمال!
العبد يكلم سيده بكل حرية، طالبًا العفو عن الشعب أو يهلك مع الجموع[3]].
[يا لعظم كماله، فإنه يود أن يموت مع الشعب ولا يخلص بمفرده![4]].
[يقول: سهل عليّ أن أهلك معهم عن أن أخلص بدونهم!
حقًا إنه حب حتى الجنون، إنه حب بلا حدود!
ماذا تقول يا موسى؟
أما تبالي بالسموات؟... نعم، فإني أحب الذين أخطأوا في حقي!
أتصلي أن يُمحي إسمك؟ نعم، فإنه ماذا أقدر أن أفعل أمام الحب[5]؟!].
[لقد نطق بهذا لكونه صديقًا لله، يحمل طابعه (الحب) [6]!].
[هكذا كان الاهتمام الأول للرجال العظماء النبلاء إنهم لا يطلبون ما لأنفسهم بل كل واحد ما لقريبه. بهذا ازدادوا ضياءًا وبهاءًا!
لقد صنع موسى عجائب وآيات كثيرة عظيمة، لكن أمر واحد جعله عظيمًا هكذا هو حديثه الطوباوي مع الله قائلاً: "إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني..."[7]].
[ماذا فعل موسى؟
أليس هذا هو الذي هرب بسبب خوفه من مصري واحد (فرعون) وذهب إلى منفى؟ ومع هذا فإن هذا الهارب الذي لم يحتمل تهديدات إنسان واحد، إذ ذاق عسل الحب بكل نبل ودون التزام من أحد تقدم ليموت مع محبوبيه قائلاً: "إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت" [32][8]].
[هكذا هي أحشاء القديسين، أنهم يحسبون الموت مع أولادهم أعذب من الحياة بدونهم[9]].
يرى الآباء أيضًا أن موسى النبي كان متأكدًا من حب الله الذي يقبل شفاعته ولا يعرض حياته للموت، فيقول القديس أغسطينوس: [إذ عرف أنه يفعل ذلك أمام الرحيم الذي لن يمحِ إسمه قط إنما يغفر لهم من أجله[10]]. ويقول القديس أمبروسيوس: [لم يمحِ الله اسمه، بل فاضت عليه النعمة، إذ لم يوجد فيه شر[11]].

خلال هذا العمل صار موسى مثلاً حيًا للحب والوداعة والحلم حتى أن القديس يوحنا ذهبي الفم يرى في ظهوره مع إيليا عند تجلي السيد المسيح أمام تلاميذه، كان إعلانًا عما يجب أن يكون عليه التلاميذ من سمات فيحملون وداعة موسى وحلّمه الذي صرف غضب الله عن شعبه،وحزم إيليا وغيرته الذي طلب أن تحلّ المجاعة ثلاثة سنين ونصف للتأديب.
أما عن فاعلية شفاعة موسى في شعبه فيعلق عليها القديس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: [حقًا إن صلوات القديسين لها قوتها العظيمة بشرط توبتنا وإصلاحنا لنفوسنا. فإنه حتى موسى الذي أنقذ أخاه وستمائة ألف رجل من غضب الله لم يستطيع أن يخلص أخته[12]].
وفي حديث القديس جيروم عن شفاعة القديسين يقول: [إن كان رجل واحد أي موسى كسب صفحًا من الله عن ستمائة ألف رجل حرب، واستفانوس الشهيد المسيحي توسل طالبًا المغفرة عن مضطهديه، فهل عندما يدخل هؤلاء بحياتهم إلى المسيح تكون قوتهم أقل من هذا؟![13]].
أخيرًا، مع قبول شفاعة موسى للشعب يقول الله لموسى: "والآن إذهب إهدِ الشعب إلى حيث كلّمتك. هوذا ملاكي يسير أمامك، ولكن في يوم افتقادي أفتقد منهم خطيتهم" [34]، فضرب الرب الشعب، لأنهم صنعوا العجل [35].





[1] يرى القديس يوحنا الذهبي الفم ان الفرصة قد سنحت لموسى ليتخلص من هذا الشعب القاسي العنيد بأمر إلهي، لكنه كراعٍ قديس وأب محب لم يحتمل ولا قبل أن يتخلى عن أولاده الضعفاء ليبحث عن أولاد آخرين. هذا ما يليق براعي النفوس       On St. Johm, hom 13: 1..
[2] St. Augustine: Sermons on N.T. Lessons, 38: 24.
[3] St. Clement of Rome: Ep. 1: 53.
[4] St. Clem. Alex.: Strom 4: 19.
[5] Chrys,: In Eph, hom 7.
[6] Chrys.: In Rom. Hom 27.
[7]Chrys.: In 1 Cor, hom 25.
[8] Chrys.: In 1 Cor, hom 34.
[9] Chrys.: Conc. The Statues hom 3: 2.
[10] St. Augustine: On Ps. 78.
[11] St. Ambrose: On the Holy Spirit 3: 10.
[12] St. Chry.: In Matt, hom 5: 7.
[13] St. Jweome: Against Vigilantius, 6.
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

شريعة السبت ( השריעה יום שבת) عند الإنسان اليهودي




في سفر الخروج اصحاح 31 ظهرت شريعة السبت فما هي ؟

شريعة السبت فعلي مدي تاريخ الشعب اليهودي والسبت يمثل عصب الحياة اليهودية فيعتبرونه يوما للراحة وتجديد الحياة الروحية والجسدية - يوم عبادة حقيقية لله - يوما يضيف سعادة وبهجة علي الشخصية اليهودية فالعائلة كلها تجتمع يوم السبت : تأكل سويا - تصلي سويا - تدرس التوراة سويا - يرنمون سويا ..... إلي آخره )، ولتكريم وتوقير السبت قال عنه الرابيون أنه الطريق إلي النجاه ويقول التلمود { لو أطاع بني إسرائيل حفظ السبوت بالتعاقب سينجوا العالم }.
وحفظ السبت جاء بوصية إلهية كعلاقة الله وشعب اسرائيل "  وكلم الرب موسي قائلا ، وأنت تكلم بني اسرائيل قائلا سبوتي تحفظونها لأنه علامة بيني وبينكم لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدسكم فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم  (خروج 31: 12-14)فمن وجهة نظر التلمود أن السبت أعطي لبني اسرائيل  ليخدم غرضين هامين  هما : أن يتذكر شعب اسرائيل علي الدوام ، الله الخالق وبناء عليه يقدمون له العبادة لأنه هو الإله الواحد .. ثانيا أن يتذكر شعب اسرائيل أن الله هو الذي حررهم من العبودية في مصر وأتي بهم إلي الراحة الحقيقية ، فلا يزيغوا وراء آلهه أخري والآيات التي تتعلق بالسبت جاءت مرتبطة بهاتين الحقيقتين .
1- {8 اذكر يوم السبت لتقدسه.
9 ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك،
10 وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك.
11 لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، واستراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه
}.هنا يتضح ارتباط السبت بالخالق .

2-:  في سفر التثنية ( 5:15 ) و اذكر انك كنت عبدا في ارض مصر فاخرجك الرب الهك من هناك بيد شديدة و ذراع ممدودة لاجل ذلك اوصاك الرب الهك ان تحفظ يوم السبت} واضح هنا ارتباط السبت بالحرية الحقيقية والنجاة ..

من هنا وضع الله لبني اسرائيل ، شريعة السبت كأساس للعبادة ، ومن يزدري بها كانت عقوبته الموت " كل من عمل عملا في يوم السبت يقتل قتلا فيحفظ بنو اسرائيل السبت " (خروج 31 :15-16) 
وفي نظر التلمود أن الشخص الذي ينتهك حرمة السبت علانية يعتبر أردأ أنواع الخطاة { هناك هوة واسعة بين من يرتكب خطية تدنيس السبت علنا ومن يرتكبها خفية ... الذي يرتكبها علنا هو مساوي للوثني الأممي ، هو عديم الإيمان كليه } 
وقد أشار رابي موسي في كتابه  " mishneh torah " واستخدم نفس التعبير في قانونه الذي يقول { أن الشخص الذي ينتهك حرمة السبت علانية هو وثني عابد أصنام وملحد } ..

معني حفظ السبت ؟؟
حسب التقويم العبري يبدأ اليوم عند غروب الشمس وينتهي عند غروب شمس اليوم التالي ( وإضاءة شموع السبت هي أول علامة للإحتفال والدخول في يوم السبت مبكرا قليلا علي الأقل 18 دقيقة قبل غروب شمس الجمعة وعلي الأكثر 40 دقيقة قبل حلول المساء وذلك لضمان عمليا عدم الدخول في يوم السبت وينتهي اليوم علي الأقل بعد 20 دقيقة لضمان أن يوم السبت قد انتهي فعلا ..
والعهد القديم يصنف أنواع نشاطات معينة من العمل اذا مارسها اليهودي يكون قد وقع تحت عقوبات وصية كسر أو تدنيس السبت مثل الحرث الحصاد  .. إشعال النار " سته أيام يعمل عمل وأما اليوم السابع ففيه يكون لكم  سبت عطلة مقدسة للرب كل من يعمل فيه عملا يقتل ، لاتشعلوا نارا في جميع مساكنكم يوم السبت " خروج 35 :2-3 ) بناء علي ماورد أصدر الرابيون قوانين تحرم طهي الطعام يوم السبت لأن ذلك يتطلب نار .. وأصبح إشعال المصابيح ايقادا للنار واستخدام السيارة إيقادا للنار واستخدام المصعد إضاءة واشعال للنار .. ومنع كل ذلك يوم السبت .... إلا إذا كان هناك شخصا أمميا من يفعل ذلك وعليه فإن الشخص الأممي مهم جدا في المجتمع اليهودي أشياء كثيرة محرم فعلها وطقوس في الأكل والتطهير قبل الأكل الغسل الطقسي ووجبات السبت مائدة السبت وصلوات مائدة السبت ....إقرأوها بالتفصيل في كتاب الحياة اليهودية بحسب التلمود للقمص روفائيل البرموسي 

                                                                  
                                                                      صلو عني 
                                                                                    


الخميس، 10 أكتوبر 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

صداقتي مع البكتيريا




عوالم كثير تمضي وتمر حولنا بل وعبرنا ونحن لا نشعر بها أو نراها هي صغيرة جدا لاتري بالعين المجردة يلزمها مجهر لكي نراها .. فمن أنا بالنسبة إليها سوي عالم كبير ثم كيف يكون تفكير هذه الكائنات الصغيرة إذا كانت تفكر وماهو نظامها هل هو عشوائي أو نظامي ثم جلست إلي نفسي وقلت هل يمكن أن أراها دون المجهر وهل يمكنني أن أكون صديقا لها مثلها مثل الكائنات المختلفة فهي مختلفة كليا عني أنا عالم كامل بالنسبة إليها لا ترقي لأن أفكر بها من الأساس نظامها وفعلها الصغير الضعيف وتفكيرها ( هذه الكلمة مجازية بسبب الإنحدار الشديد وعدم وجود لفظ لعله يمكن أن يكون غير عاقلة ولكن كيف يمكن أن يصير شئ كهذا .



قرأتم كل الكلمات السابقة لعلكم تقولون ليس هذا بشئ معقول ولكني أقول لكم لقد حدث بالفعل ، تأملوا عظمة السيد المسيح الذي خرجت منه كل الحياة وكل العوالم ينظر للإنسان هذا الذي يحتاج مجهر لرؤية حجمه بالنسبة اليه  وفكر الإنسان أيضا لايرتقي ليتعامل مع كيان سامي الذي هو الله ورغم ذلك نري الله ينزل من فوق ويترك المجد وينحدر من سمائه وينزل لهذا المجتمع إلي هذا الكيان الذي يري بالمجهر بالنسبة اليه ويعيش هذا الكيان ويتألم فيه وكل هذا من أجل .....هذه البكتيريا غير العاقلة الضئيلة الحجم !!!!!!!!!!!!!!
الاثنين، 7 أكتوبر 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

تفسير الأصحاح 28 و 29 لأبونا تادرس يعقوب ... ثياب الكهنوت في العهد القديم وتقديس الكهنه


الأصحاح الثامن والعشرون
الملابس الكهنوتية
1. تقريب هرون وبنيه كهنة [1].
2. صنع ثياب كهنوتية                [2-5].
3. الرداء                             [6-14].
4. الصدرة                            [15-29].
5. الأوريم والتميم           [30].
6. الجبة                             [31-35].
7. العمامة                           [36-38].
8. قميص مخرّم (منسوج)            [39].
9. المنطقة والقلنسوة والسروال       [40-43].

1. تقريب هرون وبنيه كهنة :

بعد أن أعلن الله لموسى النبي المسكن السماوي ليقيم له مثالاً هو خيمة الإجتماع، أمره ان يقرب هرون وبنيه كهنة له، فإن العبادة التي ترتبط ببيت الله هي عبادة مصالحة خلالها يظهر عمل السيد المسيح الكهنوتي في مصالحتنا مع الآب، وكما جاءت الخيمة في مجملها وتفاصيلها تشهد للسيد المسيح وعمله الرعوي معنا، فإن الكهنوت بكل تفاصيل ملابسه وطقس عبادته قد حمل صورة رائعة لذات الأمر.
هذا هو مفهومنا للكهنوت اليهودي، إنه رمز لكهنوت السيد المسيح، الكاهن الأعظم وأسقف نفوسنا (1 بط 2: 25)، أما الكهنوت المسيحي فهو إختفاء العاملين في بيته الروحي في هذا الكاهن الأعظم، الذي وحده في حضن الآب قادر بدمه الطاهر أن يشفع فينا ليدخل بنا إلى هذا الحضن الإلهي.
الكاهن المسيحي يعمل لحساب المسيح وباسمه وليس لحساب نفسه[1]. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [يقوم الوكيل بإدارة أمور موكله حسنًا، دون أن ينسب لنفسه ما لموكله، بل على العكس ينسب ما لديه لسيده... أتُريد أن ترى مثالاً لوكلاء أمناء؟ إسمع ما يقوله القديس بطرس الرسول: "لماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟!" (أع 3: 12). وعند كرنيليوس أيضًا قال: "قم أنا أيضًا إنسان"... والقديس بولس الرسول لا يقل عنه أمانة في قوله: "أنا تعبت أكثر من جميعهم، ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15: 10). وعندما قاوم الرسول أولئك الأشخاص غير الأمناء، قال: "وأي شيء لك لم تأخذه؟!" (1 كو 4: 7) [2]].

2. صنع ثياب كهنوتية :

لا يمكن أن تفهم هذه الثياب الكهنوتية المقدسة إلاَّ من خلال ربنا يسوع المسيح، فإنها صنعت "للمجد والبهاء" [2]، ليس لمجد الكاهن وبهائه الشخصي، وإنما لمجد السيد المسيح الذي يتمثل الكاهن به، يحمل سماته، ويختفي داخله.
سمع أحد الآباء عن نسك القديس باسيليوس أسقف قيصرية وتقشفه فذهب لزيارته، لكنه فوجئ به يلبس ثيابًا فاخرة أثناء التقديس. وإذ ظهر عليه علامات الدهشة إضطر القديس – بإرشاد إلهي – أن يكشف له حقيقة الأمر، أنه يلبس تحتها مسوحًا لكنه يرتدي الثياب الفاخرة من أجل بهاء كهنوت السيد المسيح نفسه!
يقارن القديس يوحنا الذهبي الفم بين بهاء الكهنة في العهد القديم خلال ملابسهم المقدسة وبهاء كهنة العهد الجديد، فيقول: [الأمور الخاصة بعد ما قبل النعمة مرعبة ومخيفة للغاية... مثل الرمان والحجارة التي على الصدرية والأفود والمنطقة والقلانس (وصفيحة) قدس الأقداس... أما من يرغب في اختبار الأمور الخاصة بعهد النعمة فسيجدها قليلة لكنها مخيفة ومملؤة رهبة. أنك ترى (في عهد النعمة) الرب كفدية ملقى على المذبح والكاهن يقف مصليًا للذبيحة وكل المتعبدين يتلمسون ذاك الدم الثمين. إذن هل تتصور – أيها الكاهن – أنك لازلت بين البشر، وأنك مازلت على الأرض واقفًا؟! أنا إجتزت إلى السماء باستقامة، قاطعًا كل فكر جسداني بعيدًا عن الروح؟! ألست أنت الآن بروح مجردة عن الجسد وفي عقل نقي متأملاً الأمور السمائية؟! آه!! يا لها من أعجوبة!! يا لعظم حب الله للإنسان!! إن الجالس في الأعالي مع الآب يُحمل في تلك الساعة في أيدي الكل، ويعطي ذاته للراغبين في احتضانه ونواله!!... هل يمكنك أن تزدري بهذه الأمور أو تفتخر عليها؟![3]].
ويرى القديس أثناسيوس الرسولي[4] أن هرون لبس ثيابًا كهنوتية ليعمل ككاهن، وكان هذا رمزًا لابن الله الذي لبس جسدًا حتى يخدم لحسابنا ككاهن يشفع فينا بدمه.

3. الرداء (الأفود) :

هو الثوب الخارجي، يبدو انه كان قميصًا قصيرًا موصولا عند الكتفين فقط ومفتوحًا من الجانبين، مشدودًا بزنار مطرز متصل بالرداء نفسه [8].
والعجيب أن الراداء كما الزنار مصنوعان من نفس مواد الخيمة، أي من الكتان المبروم والأسمانجوني والأرجوان والقرمز مضافًا إليه مادة الذهب التي وجدت بكثرة في الخيمة. وكأن العمل الكهنوتي مرتبط بالكنيسة، يقدم صورة حية لسمات السيد المسيح نفسه، أي النقاوة (الكتان) والحياة السماوية (الأسمانجوني والذهب) والفكر الملكوكي (الأرجوان) والتقديس بدم الكريم (القرمز).
كلما أدرك الآباء هذه الحقيقة إرتعبوا وشعروا بخطورة سقوط كاهن ما في خطية، أقتبس هنا بعض كلماتهم:
v   إنه بالحقيقة لا يوجد في العالم وحش كهذا وقاسٍ نظير ذلك الكاهن القبيح السيرة الذي لا يشاء الإصلاح!
v   ان شرف الكهنوت عظيم، لكن إن أخطأ الكهنة فهلاكهم فظيع.
v   لا يخلص الكاهن لأجل شرفه، إنما إن سلك بما يليق بشرفه.
القديس إيرونيموس[5]
v   الله لا يُهان من أحد بقدر ما يُهان من أولئك المتلألئين بشرف الكهنوت إذ أخطأوا، لأن خطية الكاهن تزداد رداءة وثقلاً بسبب نكران الجميل الذي يبديه ضد الله المنعم عليه برفعة هذا مقدار سموها.
v   كيف لا يلزم أن تلمع بأشعة القداسة أكثر من الشمس، يد الكاهن التي تلمس جسد الرب، وذلك الفم الذي يمتلئ نارًا سمائية، وذاك اللسان الذي يصطبغ بدم المسيح؟!
القديس يوحنا الذهبي الفم[6]
v   الكاهن الذي يخدم المذبح الإلهي يلزمه قبل كل شيء أن يكون مزينًا بالطهارة.
العلامة أوريجانوس[7]
نعود إلى رداء رئيس الكهنة لنجد حجري الجزع موضوعين على كتفي الرداء، وقد نقش عليهما أسماء أسباط بني إسرائيل، وكأن رئيس الكهنة – كرمز للسيد المسيح – وقد وضع على كتفيه كل احتياجات شعبه؛ كل نفس تطلب منه! إنه أب يلتزم بالمسئولية عن أولاده. للقديس يوحنا الذهبي الفم أحاديث ممتعة وعملية عن هذه الأبوة الملزمة، جاءت ثمرة خبرة رعاية أمينة لسنوات طويلة[8].
الكاهن – مهما كانت شخصيته ومهما بلغت قدراته – لا يقدر أن يحمل أثقال شعبه على كتفيه، لهذا إذ يضع أسماءهم على كتفيه كجزء من الطقس التعبدي، إنما يدخل بها الثقل ليلقيه على كتفي المسيح شخصيًا. لهذا في كل قداس إلهي يصرخ الكاهن في قلبه أكثر من مرة، قائلاً: "أقبل هذه الذبيحة عن خطاياى وجهلات شعبك"، وكأنه يلقي بأثقال نفسه وأثقال شعبه على السيد الذي وحده يقدر أن يحتمل ويعين!

4. الصدرة :

قطعة مربعة من القماش عينه كالرداء [15]، مثنية إلى الخلف عند الطرف الأسفل ليكون سمكها مضاعفًا [16]. ترصع بأثنى عشر جدرًا كريمًا، ثلاثة حجارة في كل صف، وينقش على كل حجر إسم من أسباط بني إسرائيل، وكانت زاويتاها العلويتان مرتبطتين بالرداء بسلاسل ذهبية، ولم تكن الصدرة تنزع عن الرداء [28]، أما زاويتاها السفليتان فتربط به خلال الزنار. وكانت الحلقات وبقية أدوادت ربطها مصنوعة من ذهب أو تطريز وسميت "تذكارًا" [12، 29]، لأنها بهذا الوضع تكون الحجارة على صدر رئيس الكهنة أي في قلبه لا يقدر أن ينسى أحدًا منهم. إن كان حجرًا الجزع يشيران إلى المسئولية والتزامه باحتياجاتهم فالصدرة تُشير إلى حمله لهم في أحشائه الداخلية كقول الرسول بولس عن أنسيموس: "الذي هو أحشائي" (في 12).
وسميت أيضًا تذكارًا، لأنه كما ارتدى الكاهن هذه الملابس تذكر التزامه بالصلاة عن كل شعبه. إن كان السيد المسيح هو رئيس الكهنة والشفيع الدائم لشعبه (عب 7: 25) لدى الآب خلال دمه، فإن الكاهن وقد اختفى في السيد المسيح يدعى "برسفيتيروس" أي "شفيع" عمله الرئيسي الصلاة الدائمة عن أخوته وأولاده الروحيين. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الكاهن بما أنه نائب الله، فيلزمه أن يهتم بسائر البشر، لكونه أب للعالم كله[9]]. كما يقول القديس ايروينموس : [المخلص بكى على أورشليم لأن سكانها لم يتوبوا (لو 19: 41)... وإرميا أيضًا ندب شعبه غير التائب قائلاً: "ياليت رأسي ماءً وعينيّ ينبوع دموع فأبكي نهارًا وليلاً قتلى بنت شعبي" (إر 9: 1)، معللاً سبب حزنه، قائلاً: "لا تبكوا ميتًا ولا تندبوه. إبكوا إبكوا من يمضي لأنه لا يرجع بعد" (إر 22: 10)... إذن فحرى بنا أن نبكي من أجل هؤلاء الذين بسبب جرائمهم وخطاياهم عزلوا أنفسهم عن الكنيسة... وفي هذا المعنى يدعو النبي خدام الكنيسة ملقبًا إياهم "اسوارًا وأبراجًا"، قائلاً لكل منهم: "يا سور... إبكي الدمع كالنهر" (مرا 2: 18)... فبدموعك تلين قلوب الخطاة حتى يبكواهم أيضًا[10]].
وفي العهد الجديد يلبس رئيس الكهنة صدرة، يرسم عليها الاثنا عشر تلميذًا في صفين عمودين، حتى يتشبه بالرسل والتلاميذ متذكرًا ضرورة ذكر شعبه بدموع، حاملاً إياهم في أحشائه.

5. الأوريم والتميم :

المعنى الحرفي للكلمتين هو "الأنوار والكمالات"، وقد رأى البعض أنهما شيئان صغيران (ربما حجران كريمان) يوضعان في الصدرة [30] لكي يعرف رئيس الكهنة إرادة الله في الأمور الهامة الكهنوتية والقومية. ويرجح البعض أن الكلمتين تشيران إلى أن نور الإرشاد وكماله يأتي من قبل الله، وأن هذا يتم خلال الاثنى عشر حجرًا المرصعة في الصدرة، لأنه حيث تذكر الحجارة لا يذكر الأوريم والتميم وأيضًا حيث يذكر الأوريم والتميم لا تذكر الحجارة (خر 29: 10، لا 8: 8).
يقول علماء اليهود أن الله كان يحدث الشعب بواسطة الأوريم والتميم في الخيمة، أما بعد بناء هيكل سليمان فصار يحدثهم بواسطة الأنبياء.
على أي الأحوال فإن "الأوريم والتميم" يؤكدان في حياة الكاهن ألاَّ يعتمد في خدمته على الأذرع البشرية والمشورات البشرية، لكنه يلجأ أولاً إلى المذبح، حيث ينسكب امام الله طالبًا نوره الإلهي يشرق في قلبه ويكمل كل ضعف فيه. فالتزامات الكاهن الكثيرة والخطيرة والمتشابكة، إذ يقوم بإرشاد الناس في أثمن ما لديهم – خلاص نفوسهم – وتعامله مع أنواع مختلفة من الناس، تحت ظروف متباينة، هذا الأمر الذي يجعله محتاجًا أن يكون على صلة مستمرة بالله مرشده حتى لا تهلك نفس بسبب جهله أو عجزه عن القيام بالعمل. وقد تحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن مسئولية الكاهن أو الراعي عن كل فشل يلحق بالخدمة أو خسارة تلحق بنفس ما بسبب عدم حكمته، ولا يقدر أن يقدم عذرًا، فشاول الملك لم يُقبل على الكرسي من ذاته وإذ تصرف في المملكة بغير حكمة لا يقدر أن يعتذر بأن صموئيل النبي رسمه دون وجود رغبة داخلية فيه لهذا؛ ولم يستطع عالي الكاهن أن يعتذر عن خطأ ابنيه بأنه ورث الكهنوت بغير إرادته، وموسى الطوباوي نفسه بالرغم من كل محاولاته للإفلات من العمل القيادي عندما أخطأ عند ماء مريبة لم تكن لمحاولاته هذه أن تشفع له، ولم يقدر يهوذا أن يخلص بالرغم من أن الرب هو الذي اختاره للرسولية... لهذا يليق بالكاهن أن يكون حكيمًا يطلب المشورة الإلهية على الدوام حتى لا يسقط تحت الدينونة[11].

6. الجبة :

مصنوعة كلها من الأسمانجوني، يلبسها تحت الرداء مباشرة، وكأنها تُشير إلى طبيعة الكاهن، الداخلية، التي هي الفكر السماوي. يحمل السماء ليس مادة للوعظ أو الحديثت لكنها تملأ قلبه في الداخل وتشغل كل أفكاره. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم : [يليق بمن يقوم بدور قيادي أن يكون أكثر بهاءّا من أي كوكب منير، فتكون حياته بلا عيب، يتطلع إليه الكل، ويقتدون بسلوكه[12]].
ربما كانت الجبة تصل تحت الركبتين بقليل، وكانت بدون أكمام ومفتوحة فقط من أعلى، ولعلها كانت منسوجة بدون خياطة [32].
كان بهدب الرداء رمانات من نسيج ذات ألوان بديعة يتخللها اجراس ذهبية [33-34]. تُشير الرمانات إلى ضرورة وجود الثمر في حياة الكاهن. فيظهر الكاهن مثمرًا في كلمات الوعظ العميقة، وفي صمته، وفي مناقشاته، وفي إرشاداته، وفي سلوكه مع كل أحد! وتُشير الأجراس إلى إعلان صوت الكرازة بالإنجيل أينما تحرك، منذرًا الكل بالتوبة من أجل ملكوت السموات.
يرى القديس يوستين أن عدد الأجراس اثنا عشر، إشارة إلى الاثنى عشر تلميذًا الذين اعتمدوا على قوة السيد المسيح الكاهن الأبدي، فبلغت أصواتهم إلى أقاصي الأرض بمجد الله ونشر كلمته ويرى العلامة أوريجانوس أن [هذه الأجراس يلزم أن تدق على الدوام رمزًا لعدم سكوت الكاهن عن التحدث عن الأزمنة الأخيرة ونهاية العالم[13]].

7. الصفيحة الذهبية :

ينقش على هذه الصفيحة "قدس للرب"، توضع على العمامة. ما هذه الصفيحة الذهية إلاَّ الإعلان عن السيد المسيح، الذي هو البكر الذي تقبله الآب نيابة عنا. لقد قدس السيد حياته للآب بإسمنا، لكي نصير أيضًا مقدسين فيه، إذ يقول "من أجلهم أقدس ذاتي لكي يكونوا هم أيضًا مقديسن في الحق".
يدخل الكاهن إلى الهيكل، العرش الإلهي، ليس عن برّ فيه ولا من أجل جهاده الذاتي، وإنما مختفيًا في ذاك الذي هو موضع سرور الآب. المسيا سرّ تقديسه. لهذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حين تنظر الكاهن مقدم الذبيحة، تأمل يدّ السيد المسيح ممتدة بنوع غير ملحوظ[14]]. كما يقول القديس لأمبروسيوس: [آمن إذن أن الرب يسوع هو الحاضر أثناء صلوت الكاهن... لأنه إن كان قد قال "إن اجتمع اثنان أو ثلاثة بإسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20) فكم بالأكثر يهبنا حضوره عندما تجتمع الكنيسة وتتم الأسرار[15]؟!].

8. العمامة :

غايتها أن توضع عليها الصفيحة الذهبية السابقة، وكأن التاج الذي ينعم به الكاهن ويكلل به هو حمله للسيد المسيح نفسه، قدس الرب.
يقابل هذه العمامة التاج الذي يلبسه الأسقف، وهو غير معروف أصلاً في الكنيسة القبطية، لكنه أخذ عن الطقس البيزنطي.

9. القميص المخرّم (المنسوج) :

يصنع من الكتان الأبيض، يلبسه تحت الجبة الزرقاء فلا يظهر إلاَّ على الذراعين وما بعد الجبة تحت القدمين. إم كانت الجبة الزرقاء تُشير إلى القلب السماوي الداخلي، فإن القميص الكتاني المنسوج يُشير إلى الحياة الطاهرة النقية الملائكية، التي تعمل في الداخل لكنها تظهر على الذراعين، أي تنعكس على التصرفات الخارجية، كما تظهر من تحت الحقوين حتى القدمين، وكأن الطهارة أيضًا تغطي كل مسلك الإنسان (القدمين)، أينما سار يسلك بنقاوة!

10. المنطقة والقلنسوة والسروال :

عند تقديم الذبيحة يلبس رئيس الكهنة المنطقة، وهي حزام من القماش للتمنطق وشدّ الوسط أثناء الخدمة، إشارة إلى ضرورة تيقظ الراعي (لو 22: 25، أف 6: 14، 1 بط 1: 13)، وقد سبق الحديث عن "التمنطق" أثناء أكل خروف الفصح.
التمنطق هو عمل العبيد الذين يخدمون سادتهم، وكأن الكاهن في خدمته يشعر أنه خادم لأولاد سيده وليس رئيسًا أو متسلطًا.
والتمنطق يُشير إلى عمل الجندية فالكاهن كجندي صالح يُجاهد روحيًا في جيش الخلاص.
التمنطق هو عمل المسافرين، إستعدادًا للرحيل. فيشعر الكاهن أنه غريب على الأرض، لا يطلب ما للأرضيات بل ما للسمويات.
وفي سفر الرؤيا رأينا الشعب يمثل المنطقة الذهبية المحيطة بصدر السيد المسيح (رؤ 1: 13) لكي يقتات على ثدييه أي العهدين الجديد والقديم. وهكذا يحمل الكاهن شعبه حول صدره ويقدم كل حياته في المسيح يسوع لشعبه.
أما السراويل فيعلن الله نفسه أنها لسترة الكاهن... لهذا يقول القديس أمبروسيوس: [لا يزال بعضنا يُلاحظ هذا، لكن الغالبية يفسرونه بطريقة روحية، ويفترضون أنها قليت لكي يراعي الكهنة الإحتشام ويحتفظون بالطهارة[16]].
فالسروال يُشير إلى احتشام الكاهن من جهة ملبسه فقط، لكنه يلزم أن يكون محتشمًا (1 تي 3) في كل تصرفاته وكلماته. وفيما يلي مقتطفين من أقوال الآباء عن هذا الأمر:
v   ينبغي ألاَّ يكون صوت الكاهن مترهلاً خافتًا أو "سيداتي" في نغمته، كما اعتاد الكثيرون.
القديس أمبروسيوس[17]
v   إن ساعة واحدة من الخلاعة جعلت نوحًا يتعرى بعد ما إستتر ستين عامًا بوقار.
القديس ايروينموس[18]





الأصحاح التاسع والعشرون
تقديس الكهنة
1. الحاجة إلى التقديس                                  [1-3].
2. غسل الكهنة                                         [4].
3. إرتداء الملابس الكهنوتية ومسحهم بالدهن            [5-9].
4. تقديم ذبيحة خطية                                    [10-14].
5. تقديم ذبيحة محرقة للرب                     [15-19].
6. تقديم كبش ملء                                      [20-22].
7. ملء أيدي الكهنة والترديد                             [23-28].
8. مسح الثياب المقدسة                                [29-30].
9. الكهنة يأكلون عند باب الخيمة                       [31-35].
10. تقديس المذبح                                      [36-37].
11. التقدمة اليومية                                     [38-46].

1. الحاجة إلى التقديس :

دعى الله هرون وبنيه للعمل الكهنوتي، وحدد لهم الثياب التي يرتدونها حتى يدركوا أن سرّ القوة ليس فيهم بل في الله الذي دعاهم وسترهم بنفسه. والآن قبل أن يمارسوا أي عمل كهنوتي يقدم لهم الرب طقسًا طويلاً خاصًا بتقديسهم وتقديس ثيابهم الكهنوتية وتقديس المذبح الذي يخدمونه، وكأن الثلاثة يمثلون وحدة واحدة، فلا تقديس للكهنة مالم يلبسوا السيد المسيح نفسه (الثياب المقدسة) ويحملون سماتهم فيهم، ويخدموا المذبح المقدس (الصليب).
إختيار الكهنة ودعوتهم وتقديسهم كان إشارة إلى اختيار الابن الوحيد القدوس الذي قدّس ذاته لهذا العمل الخلاصي، فهو وإن كان القدوس الذي بلا عيب لكنه يقول "من أجلهم أقدس ذاتي لكي يكونوا هو أيضًا مقدسين في الحق"، ليس بمعنى أن يحمل قداسة جديدة، إنما قد قدم حياته المقدسة لهذا العمل، كاهنًا على طقس ملكي صادق (مز 110: 4، عب 5: 6، 7: 11). وكما التزم الكهنة أن يرتدوا الثياب الكهنوتية المقدسة لكي يقتربوا إلى المذبح، هكذا مع الفارق لبس ابن الله القدوس جسدنا وصار كواحد منا حتى يقترب إلى الصليب نيابة عنا ويتمم الفداء، أما تقديس المذبح إنما يُشير إلى الصليب الذي صار مقدسًا بالدم الثمين.

2. غسل الكهنة :

يتقدم هرون وبنوه إلى باب خيمة الإجتماع ويغسلهم (موسى) بماء [4]. وكأن اختيار الله لهم ودعوتهم لهذا العمل المقدس يلزمهم التطهير أولاً قبل الدخول إلى الخيمة أو ممارسة أي عمل كهنوتي. فالكاهن وأن كان قد نال شرف الصلاة عن شعبه لكن هذا لا يخلق فيه كبرياءً فلا يظن أنه قد صار أفضل منهم أو أكثر منهم برًا، بل بالعكس يحمله بالمسئولية أن يجاهد من أجل نفسه أيضًا حتى لا يهلك الشعب بسببه.
ففي القداس الإلهي يتعلم الكاهن أن يشرك نفسه في طلباته عن الشعب، قائلاً "إعط يا رب أن تكون مقبولة ذبيحتنا عن خطاياي وجهالات شعبك"[1]... يبقى في كل الصلوات السرية يطلب عن نفسه أولاً ليغفر الله خطاياه وعن شعب الله ليغفر لهم جهلاتهم، وكأنه يشعر إذ يخطئ إنما يفعل ذلك بمعرفة أما شعب الله فيفعل ذلك بغير معرفة.
لقد أدرك الآباء حاجتهم إلى رعاية الله المستمرة والتعليم الدائم مع شعب الله فيقول القديس أغسطينوس: [إننا كما لو كنا رعاة بالنسبة لكم، لكننا نحن أيضًا في رعاية الله، إذ نحن خراف زملاء لكم. إننا معلمون بالنسبة لكم، لكننا بالنسبة لله فهو السيد الواحد، ونحن زملاء لكم في مدرسته[2]].
دعوته للكهنوت تؤكد عضويته في جماعة الله المقدسة يبقى على الدوام طالبًا التطهير في إستحقاقات الدم والتعليم المستمر على يديّ الله. لهذا كتب الرسول بولس إلى تلميذه تيموثاوس يقول: "صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا" (1 تي 1: 15). فلا ينظر الرسول إلى نفسه كرأس ومعلم ومدبر وإنما أولاً وقبل كل شيء أنه أول الخطاة يحتاج أن يبقى دومًا في أحضان مخلصة!
ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الله يسمح للكهنة بالشعور بالضعف حتى يترفقوا بالضعفاء إخوتهم!

3. إرتداء الملابس الكهنوتية ومسحهم بالدهن :

إرتداء الملابس الكهنوتية يعتبر جزءًا من طقس تقديس الكهنة كما رأينا سابقًا.
ما أن لبس رئيس الكهنة الصفيحة الذهبية أو الإكليل المقدس [6] الذي نقش عليه قدس للرب "حتى صار ممثلاً للسيد المسيح، لذلك سكب عليه الدهن المقدس [7] قبل تقديم أي ذبيحة، إشارة إلى حلول الروح القدس في السيد المسيح حلولاً أقنوميًا منذ الأزل بكونه روحه الأزلي، وليس نعمة ممنوحة له.
عاد هرون وبنيه الكهنة الذين لبسوا أقمصتهم ليتقدموا للمسحة المقدسة [21] حتى يعرف هرون وكهنة الله أنهم لا يمسحون كهنة إلاَّ بعد تقديم ذبائح عنهم ونضح دم السيد المسيح لتقديسهم. لقد أكد لهم الوحي الإلهي أنهم في حاجة إلى التقديس، فإنه ليس أحد من البشر بلا خطية ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض. وسنترك الحديث عن المسحة المقدسة للأصحاح القادم إن شاء الرب.

4. تقديم ذبيحة خطية :

جاءت تفاصيل هذه الذبيحة "ذبيحة الخطية" في تفاصيل كثيرة في سفر اللاويين (4، 5: 1-13) وقد حملت معانِ كثيرة رائعة لا يتسع المجال هنا للحديث عنها. إنما نستطيع أن نبرز هنا الجوانب التالية:
أ. هذه الذبيحة تعبر عن السيد المسيح الذي وضعنا عليه أيدينا لحمل خطايانا وسيق إلى الموت (1 بط 2: 24)، لهذا يضع هرون وبنوه أيديهم على رأس الثور ويذبح الثور أمام الرب عند باب خيمة الإجتماع [10-11]... فلا نسمع عنها إنها للرضى والمسرة كما في ذبيحة المحرقة، فهي تُشير إلى ثقل ومرارة ما يحمل السيد عنا، كهنة وشعبًا! لهذا كان السيد يكتئب ويصرخ: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت"!
ب. يأخذ من دم الثور ويجعله على قرون المذبح بأصبعه، وسائر الدم يصبه إلى أسفل المذبح، ويأخذ كل الشحم الذي يغشي الجوف وزيادة الكبد والكليتين والشحم الذي عليهما ويوقدها على المذبح [12-13]... وكأن الله أراد أن يؤكد للكهنة أنه قد جاء بكل خطاياهم حتى الخفية في الجوف وكفرّ عنها بدمه على المذبح ليعيشوا بالطهارة الداخلية.
ج. حرق لحم الثور وجلده وفرائه خارج المحلة [14] يُشير إلى تألم المسيح خارج المحلة، حتى يخرج الكهنة معه حاملين عاره (عب 3: 13) في خدمتهم لشعبه.

5. تقديم ذبيحة محرقة :

بعد تقديم ذبيحة الخطية يقدم كبش كذبيحة محرقة للرب "رائحة سرور، وقود هي للرب" [18]. هذه الذبيحة تقدم جانبًا آخر للصليب، فإن كانت الأولى تحمل ثقل خطايانا لذلك قدمت بآنات وصراخ، فإن هذه الذبيحة تعلن في الصليب جانب السرور ورائحة الرضا، إذ تكشف عن "الطاعة الكاملة للسيد المسيح نحو الآب" (عب 5: 5، 10: 7، يو 6: 38، في 2: 8)، الطاعة الإرادية غير الأضطرارية (يو 10: 18).
يضع هرون وبنوه أيديهم على رأس الكبش ليصيروا والذبيحة واحدًا، فيحملوا روح الطاعة الكاملة التي للسيد المسيح فيهم، فيشتم الله في كهنوتهم رائحة السرور والرضا (لا 1: 9، 13، 17). هكذا يلتصقون بالرب ليكونوا حاملين روحه (1 كو 6: 17).
يذبح الكبش ويرش دمه على المذبح من كل ناحية ويقطع ويغسل جوفه وأكارعه وتوضع على القطع والرأس، وكأنه بهذا تظهر كل أعماقه، فقد جاز السيد المسيح أمام الآب فوجد بلا عيب (لو 23: 22، إش 53: 9، يو 8: 46)، فقبله كموضع سروره. هكذا يليق بالكاهن أن يتقدس في أعماقه الداخلية، ليجتاز أمام الله بلا عيب ويكون موضع سروره ورضاه في المسيح يسوع.

6. تقديم كبش الملء :

يحمل هذا العمل صورة حية للتقديس، فبعدما يضع هرون وبنوه أياديهم على رأس الكبش، أي يعلنون إتحادهم معه، تقدم حياته فدية عنهم في دمه، الذي يرش على أجسادهم وثيابهم لتطهيرهم وتقديسهم بالكلية، فتكون حياتهم وأعمالهم كلها للرب.
يأخذ موسى من الدم ويجعله على شحم آذانهم اليمنى وإباهم أيديهم اليمنى وإباهم أرجلهم اليمنى [20]، وكأن آذانهم وأياديهم وأرجلهم قد تقدست وتكرست لخدمة الله تمامًا. كل كلمة يسمعها الكاهن وكل حركة وكل عمل إنما يكون لحساب موكله. لقد تقدس له بالكامل، لذلك فإن هذه الذبيحة التي للتقديس هي "رائحة سرور أمام الرب، وقود هي للرب" [25].

7. ملء أيدي الكهنة والترديد :

إذ تقدست أيدي الكهنة يضع موسى فيها الأجزاء المقدسة من كبش الملء ويقومون بالترديد أي تقديمها للرب، وكأنها أول ذبيحة تمتد يدهم المقدسة لتقديمها أما الرب.

8. مسح الثياب المقدسة :

تقدس الثياب بالدم والمسحة (لا 8: 30)، ليلبسها الكاهن سبعة أيام، ولا يخرج من باب خيمة الإجتماع (لا 8: 33)، إذ يقول الرب "ولدى باب خيمة الإجتماع تقيمون نهارًا وليلاً سبعة أيام وتحفظون شعائر الرب فلا تموتون لأني هكذا أمرت" (لا 8: 35).
هذا إنذار خطير للكاهن الذي قدم حياته ذبيحة حب لله ولخدمته، فبعدما لبس الثياب الكهنوتية المقدسة، وتقدست كل حياته الداخلية وتصرفاته الظاهرة، يليق به أن يبقى كل أيام حياته (سبعة أيام) يحفظ شعائر الرب ولا يرتبك في أعمل زمني.

9. الكهنة يأكلون عند باب الخيمة :

يأمر الله هرون وبنيه أن يأكلوا عند باب الخيمة [3]. لعلها إشارة إلى الدخول في عهد معًا، الله يتعهدهم كخدام له، وهم يتعهدون بتكريس كل حياتهم له. ولعله أيضًا أراد أن يعلن لهم أنه حتى أكلهم وشربهم وكل تصرفاتهم فلتكن في حضرته، لأنهم نصيبه وهو نصيبهم.
يأكل هرون وبنوه لحم الكبش والخبز الذي في السلة، وهو ثلاث أنواع:
أ. خبز فطير من دقيق حنطة، وقد تحدثنا عن الفطير كرمز للحياة الجديدة[3]. فالكاهن لا يأكل خبزًا مخمرًا سبعة أيام، أي يبقى كل أيام حياته لا يحب الشر، ينسى الإنسان القديم وأعماله ليحيا على الدوام حسب أعمال الإنسان الجديد. حياته وأفكاره تتجدد كل يوم بالتوبة المستمرة بلا انقطاع.
ب. أقراص فطير ملتوتة بالزيت، تُشير إلى حياته التي امتزجت داخليًا بمواهب الروح القدس، فتحمل ثمرة على الدوام.
ج. رقاق فطير مدهونة بزيت، أي تظهر ثمار الروح القدس في حياتهم الخارجية أيضًا.
إن كانت الأقراص الملتوتة بالزيت تُشير إلى شهادة الذين في الداخل عنهم فإن الرقاق المدهون بالزيت يُشير إلى ضرورة شهادة الذين في الخارج عنهم (1 تي 3: 7)، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إنه حتى الوثنيين يوقرون الإنسان الذي بلا عيب... لذلك ليتنا نحن أيضًا نعيش هكذا حتى لا يقدر عدو أو غير مؤمن أن يتكلم عنا بشر. لأن من كانت حياته صالحة، يحترمه حتى هؤلاء، إذ بالحق يغلق أفواه حتى الأعداء[4]...]. ويقول القديس إيرينيؤس: [الأسقف المسيحي يلزم أن يكون هكذا، ان الذين يكابرون معه في العقيدة لا يقدرون أن يكابروا معه في حياته[5]].

10. تقديس المذبح :

"سبعة أيام تكفرّ على المذبح وتقدسه، فيكون المذبح قدس أقدس. كل ما مس المذبح يكون مقدسًا" [27].
هكذا يتقبل الله من شعبه هذا المذبح الذي يقدسه ويجعله قدس أقداس، خلاله تقبل الذبائح لتقديس شعبه والتكفير عنهم.

11. التقدمة اليومية :

أمر الله بتقدمة يومية بطقس خاص في الصباح والمساء، أما علة هذا الطقس فهو "وأجتمع هناك ببني إسرائيل فيتقدس بمجدي" [43]... إذ يتمجد الله في حياتهم وتصرفاتهم يتقدسون هم بإجتماعه في وسطهم. إنه يريد أن يسكن في وسطنا ليقدسنا له!








[1] القداس الباسيلي: صلاة الإستعداد.
[2] الحب الرعوي طبعة 1965، صفحة 137.
[3] راجع تفسير الأصحاح 12.
[4] الحب الرعوي، صفحة 655.
[5] الحب الرعوي، صفحة 655.
السبت، 5 أكتوبر 2013
Posted by دعونا نتأمل يقول الروح

Popular Post

Blogger templates

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

About

قائمة المدونات الإلكترونية

Seacrh By Labels

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Followers

Powered By Blogger

Advertisement

About

- Copyright © "دعونا نتأمل يقول الروح " -Metrominimalist- Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -