وكما أن الإنسان إذا رأى عصفوراً يطير،
فإنه يشتاق أن يطير هو أيضاً،
ولكنه لا يستطيع،
لأنه لا يملك أجنحة يطير بها.
كذلك أيضاً فإن إرادة الإنسان حاضرة
وقد يشتهي أن يكون نقياً، وبلا لوم، وبلا عيب،
وأن لا يكون فيه شيء من الشر،
بل أن يكون دائما مع الله،
ولكنه لا يملك القوة ليكون كذلك.
وقد تكون شهوته هي أن يطير إلى الجو الإلهي،
وحرية الروح القدس،
ولكن لا يمكنه ذلك إلاّ إذا أُعطيت له أجنحة لتحقيق هذه الغاية.
فلنلتمس من الله أن ينعم علينا بــ "أجنحة الحمامة" (مز 55)،
روحـــــه القـــــــدوس،
حتى "نطير إليه ونستريح"،
ولكي يفصل الريح الشرير ويقطعه من نفوسنا وأجسادنا،
ذلك الريح الذي هو الخطية الساكنة في أعضاء نفوسنا وأجسادنا.
ليس أحد غيره يستطيع أن يفعل هذا الأمر.
فهو وحده "حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1).
أنه وحده الذي أظهر هذه الرحمة لأولئك الأشخاص الذين يؤمنون به،
إذ أنه يخلصهم من الخطيئة،
وهو يحقق هذا الخلاص الذي لا يُنطق به
لأولئك الذين ينتظرونه دائماً
ويضعون رجائهم فيه
ويطلبونه بلا انقطاع.
المرجع: العظة الثانية، للقديس مكاريوس الكبير، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية (بتصرف)