Posted by : دعونا نتأمل يقول الروح الجمعة، 27 سبتمبر 2013




St-Takla.org         Image: Jesus Christ Pantokrator, Coptic icon at St, Mina Monastery, Mariout, Egypt صورة: أيقونة السيد المسيح الضابط الكل، البانطوكراتور، فريسكو في دير مارمينا، مريوط، مصر

41- ما معنى أن للسيد المسيح طبيعة واحدة من طبيعتين؟



لقد اتحدت في السيد المسيح الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية كما رأينا بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغييّر، وبدون افتراق ولا انفصال، والإتحاد هو إتحاد طبيعي أقنومي على مستوى الطبائع وليس على مستوى الأشخاص، فشخص الله الكلمة اتخذ جسدًا ذو نفس عاقلة " والكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14) وكان نتيجة هذا الإتحاد العجيب هو الإله المتأنس الذي يجمع بين صفات الطبيعة الإلهية وصفات الطبيعة البشرية، ونعود ونقول إن أقرب مثال على هذا هو الإنسان في إتحاد عنصريه الروح والجسد بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر، ويقول نيافة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدَّس "هل اللاهوت تحوَّل إلى جسد؟ وهل الناسوت تحوَّل إلى لاهوت؟ لم يتحوَّل اللاهوت إلى جسد، ولا الناسوت إلى لاهوت، لكن في إتحادهما ونتيجة لهذا الإتحاد كان شخص السيد المسيح الذي يُفرّح القلوب. كان السيد المسيح مثلًا بمجرد أن يلمس أبرصًا يطهُر من برصه، فهذه اليد ليست يد عادية لأنها متحدة باللاهوت. قال له الأبرص " إن أردت تقدر أن تطهرني.. فمد يده ولمسه.. وللوقت.. ذهب عنه البرص" (مر 1: 40-42) (1).
ففي التجسد أتحدت الطبيعة الإنسانية المحدودة بالطبيعة الإلهية غير المحدودة، فكان نتيجة إتحاد الطبيعتين هو الله المتأنس غير المحدود، ويمكن التعبير عن هذا المعنى بالمعادلة الآتية:
طبيعة بشرية محدودة × طبيعة إلهية غير محدودة = الله المتأنس غير المحدود.


وتعتبر عقيدة الطبيعة الواحدة كما قلنا من قبل في منتهى الأهمية، وبناءً عليها يتوقف خلاص الإنسان، لأنه لو ظلتا الطبيعتان منفصلتان لضاعت عقيدة الفداء أدراج الرياح، وهذا ما حمله لنا الفكر النسطوري، وفكر لاون من رياح فاسدة تقود للهلاك.. لماذا؟ لأنه في ظل انفصال الطبيعتين يكون المصلوب إنسانًا وليس إلهًا، وموت إنسان برئ محدود بلا شك يعجز تمامًا عن فداء البشرية في كل مكان وزمان، فهو لا يفدي إلا إنسانًا واحدًا فقط لا غير.. من أجل هذا تمسكت الكنيسة بعقيدة "طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة" والآن لندخل معًا يا صديقي إلى بستان الآباء القديسين لندرك مدى أهمية هذه العقيدة:
القديس فيلكس أسقف روما: الذي وُلِد سنة 210 م قال "نؤمن الآن بالمسيح يسوع إلهنا، ونعترف بأقنومه الواحد والشخص الواحد والطبيعة الواحدة التي لله الكلمة صار جسدًا، وأيضًا بالحبل بلا زريعة هو الله الكلمة صار جسدًا" (1).
القديس بوليدس أسقف روما: قال عن السيد المسيح "فهو إذًا طبيعة واحدة وشخص واحد، وليس له ما يُقسم به أثنين، وليس للجسد طبيعة منفردة في ناحية، ولا اللاهوت طبيعة منفردة في ناحية.. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). بل مثل الإنسان الذي هو طبيعة واحدة، كذلك المسيح الذي صار في شبه البشر، فإن كانوا لا يعرفون الواحد بالإتحاد، فقد يمكنهم أيضًا أن يقسّموا الواحد كثيرًا، ويقال أنه طبائع كثيرة، لأن الجسد مجموع من أشكال كثيرة، من عظام وعروق ولحم وجلد وأظافر وشعر ودم وروح، وهذا كله متغير بعضه مع بعض وهو بالحقيقة طبيعة واحدة، واللاهوت والجسد هو واحد، لا ينقسم طبيعتين.. يلزم الذين يعتقدون بطبيعتين أن يسجدوا للواحدة ولا يسجدون للأخرى، وأن يعتمدوا بالتي لللاهوت ولا يعتمدون بالتي للناسوت" (2).
البابا أثناسيوس الرسولي: قال " وهذا الواحد هو الإله، وهو ابن الله بالروح، وهو ابن الإنسان بالجسد، ولسنا نقول عن هذا الابن الواحد أنه طبيعتان، واحدة نسجد لها وأخرى لا نسجد لها. بل طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة، ونسجد له مع جسده سجدة واحدة، ولا نقول باثنين واحد هو ابن الله بالحقيقة وله نسجد، وآخر هو إنسان من مريم ولسنا نسجد له.. الذي وُلِد من العذراء القديسة هو ابن الله بالطبيعة وهو إله بالحقيقة وليس بالنعمة، فالذي يُعلّم غير هذا التعليم الذي هو من الكتب الإلهية ويقول أن ابن الله هو غير الإنسان المولود من مريم ويجعله ابنًا بالنعمة مثلنا.. فهذا الكنيسة المقدسة تحرمه" (3).
البابا كيرلس الكبير: قال في رسالته إلى سوقينوس "إن الطبائع قبل الإتحاد طبيعتان، وأما بعد الإتحاد فلا نفرق الطبيعتين من بعضهما ولا نقول أنهما ابنان ولا نفصل ذلك الذي لم ينقسم، بل نقول أن الابن واحد كما قال الآباء وكيان الكلمة المتجسد واحد" (1).
وفي رسالته إلى يوحنا الأنطاكي قال " هو مولود من الآب قبل الدهر بحسب لاهوته، وانه هو نفسه في الأيام الأخيرة، من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلِد من العذراء بحسب ناسوته.. هو نفسه من الجوهر نفسه الذي للآب حسب لاهوته، ومن نفس الجوهر الذي لنا بحسب ناسوته، لأنه قد حدث إتحاد بين الطبيعتين لأجل هذا نعترف بمسيح واحد، ابن واحد، رب واحد، وبحسب هذا الفهم للإتحاد بدون اختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هي والدة الإله" (2).
وعندما أرسل إلى البابا كيرلس سوكنس أسقف دياقيصارية الهيسوريا يسأله عما يقوله البعض أن للمسيح طبيعتين، فرد عليه قائلًا " ترى طبيعتين اجتمعتا بإتحاد من غير افتراق ولا امتزاج ولا استحالة، فالجسد هو جسد وليس هو لاهوتًا، وإن كان قد صار جسد الله، والكلمة أيضًا هو الإله وليس هو جسدًا.. إن الطبيعتين اجتمعتا طبيعة واحدة ومن بعد الإتحاد لا نفرق بعضهما من بعض، ولا نقسم الواحد الغير مقسوم ونجعله أثنين، بل نقول إنه ابن واحد وحيد مثلما قال آباؤنا، انه طبيعة واحدة الكلمة الذي تجسد" (3).
يوحنا الأنطاكي: جاء في رسالته التي أرسلها للبابا كيرلس، وقد وافق عليها البابا كيرلس " نعترف أن ربنا يسوع، ابن الله الوحيد، هو إله كامل وإنسان كامل ذو نفس عاقلة وجسم، وهو مولود من الآب قبل الدهر بحسب لاهوته، وانه هو نفسه في الأيام الأخيرة، من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلِد من العذراء بحسب ناسوته، وهو نفسه، من الجوهر نفسه الذي للآب حسب لاهوته، ومن نفس الجوهر الذي لنا بحسب ناسوته، لأنه قد حدث إتحاد بين الطبيعتين. لأجل هذا نعترف بمسيح واحد، ابن واحد، رب واحد، وبحسب هذا الفهم للإتحاد بدون اختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هي والدة الإله، لأن الكلمة قد تجسد وتأنس، ومنذ ذات الحمل به وحَّد الهيكل الذي أخذه منها مع ذاته" (1).
البابا ديسقورس: قال "لا يجب أن يقال طبيعتان بعد التجسد والإتحاد بل طبيعة واحدة للإله المتجسد" (2).
القديس غريغوريوس النزينزي: قال "ليس المسيح طبيعتين بعد الإتحاد ولا مفترقًا ولا مختلطًا فيما اجتمع من الجهتين، طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت اجتمعتا إلى وحدانية وصارتا واحدًا" (3).
القديس غريغوريوس النيؤلوغوس: قال "ليس الذي ولدته مريم إنسانًا مُعرَى من اللاهوت.. بل ابن واحد، وليس للمسيح طبيعتان بعد الإتحاد ولا هو مفترقًا ولا مختلطًا فيما اجتمع من الجهتين، لأن طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت اجتمعتا إلى وحدانية وصارتا واحدًا وشخصًا واحدًا، ليس لهذا الأقنوم الواحد تغييّر بل هو كامل في كل شيء في النفس والعقل" (4).
القديس باسيليوس: قال "لسنا نقول عن الابن أنه اثنان، ولا نقول اللاهوت منفردًا بذاته ولا الناسوت بذاته، بل نقول طبيعة واحدة وأقنومًا واحدًا" (5).
إبن المكين: ونقتطف بعض العبارات من أقواله "إن الإتحاد كان بين الأزلي والزمني كإتحاد النفس بالبدن.. فصار الأزلي والزمني واحدًا.. وكل واحد من الجوهرين حافظ حقيقته لا تغيُّر فيها ولا استحالة.. لأن المفهوم من الإتحاد إنما هو مصير شيئين أو أكثر من شيئين شيء واحد.. فالمسيح إذًا هو واحد.. وهذا الواحد الموجود من الجوهرين لا يصح أن نطلق عليه إله وإنسان. بل إله متأنس.. إن كان بعد الإتحاد إلهًا وإنسانًا فهو إرادتان ومشيئتان. وقد قلت أن معنى الإتحاد يبطل هذا الرأي، فهو واحد موجود من جوهرين أزلي وزمني يصح عليه إطلاق التضاد فنقول: المسيح مات وأقام الموتى، والمسيح رسول ومُرسِل الرسل، والمسيح تألم والمسيح لم يتألم. وهذا الكلام لا يلزم منه وجود التناقض عند من يعلم شروط التناقض.. فهو جوهر من جوهرين، وليس جوهرين من بعد الإتحاد {وضرب مثلًا على هذا بالإنسان} فنقول أن الإنسان مائت وغير مائت، نائم وآكل وغير نائم وغير آكل. لأن البرهان قد قام على أنه جوهر من جوهرين، حقيقة من حقيقتين. من نفس غير مائتة ولا مركَّبة ومن جسم مائت ومركَّب، ولا يصح عليه التناقض" (1).
وقال أيضًا مشبهًا إتحاد اللاهوت بالناسوت بإتحاد النفس بالجسد في الإنسان الواحد " هذا (الإنسان) واحد من أثنين، لا اثنان، أعني أن جوهرية نفسه وجسمه لم يتغيرا بعد إتحادهما، وهو واحد قائم من أثنين متضادين لأنه لا يصح لنا ولا يجوز أن نقول أن فعل بولس مثلًا وكلامه صادران عن بولسين، وكذا لا نقول أن أفعال بطرس وكلامه صادرة عن بطرسين، فهو واحد وإن كان متقومًا عن أثنين" (2).
القديس بطرس السدمنتي: قال " إن الإله الكلمة نزل من السماء من غير انتقال ولا تغيير وتجسد من مريم العذراء بجسد كامل ذي نفس عاقلة ناطقة، فصار بالإتحاد أقنومًا واحدًا وطبيعة واحدة.. واشتق له من الإتحاد اسم حادث الذي هو المسيح. أنه لم يُسمى مسيحًا إلاَّ بإتحاد اللاهوت بالناسوت، وإذا كان الإتحاد قد أحَّدهما وجعلهما طبيعة واحدة فلا يجوز في العقل ولا في الشرع أن يقال أن فيهما بعد طبيعتين بل طبيعة واحدة.
هل حصل مابين اللاهوت والناسوت إتحاد أم لا؟ فإن أنكر ( المعترض) يُكفَر بإجماع الفرق الثلاثة (اليعقوبية والملكية والنسطورية) وإذا قال بل صار الإتحاد. قلنا: وما هو الذي اتحد عندك؟ إذا كانت الطبائع اثنتين، والجواهر أثنين، والأفعال أثنين، والمشيئات أثنتين، فما ترى الإتحاد عندك قد عمل شيئًا، سواء اتحدا أو لم يتحدا، هما كان أثنين وقد بقيا أثنين.. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). بهذه الأدلة ثبت عندنا القول بأنه أقنوم واحد، طبيعة واحدة، جوهر واحد، فعل واحد، مشيئة واحدة" (1).
الأنبا يوساب الأبح: قال "لا نقول أن في المسيح بعد الإتحاد طبيعتين أو أقنومين أو فعلين، بل طبيعة واحدة وفعل واحد يصدر عن المسيح الواحد".
وجاء في كتاب الإيمان الصحيح في السيد المسيح ص 92، 93 طبعة بيروت 1864 م. أن المجمع اللاتراني المنعقد سنة 649 م. نص في القانون الخامس على أن "من لا يعتقد بموجب رأي الآباء القديسين أنه توجد طبيعة واحدة للإله الكلمة في المسيح خاصة وحقًا، دلالة على أن المسيح أخذ جوهرنا كله كاملًا ماعدا الخطية فليكن محرومًا" وهذا جعل أحد الأساقفة اللاتين يعلق قائلًا "إنالكنيسة الرومانية تعتقد وتعلم بوجود طبيعتين في المسيح، ثم تطعن بالحرم من لا يعتقد بأن المسيح هو طبيعة واحدة للكلمة المتجسد، كما تدوَّن ذلك في المجمع اللاتراني المنعقد بأمر القديس مرتينوس البابا" (2).
قداسة البابا شنودة الثالث: قال " مَنْ الذي ولدته العذراء؟ هل ولدت إلهًا فقط؟ أم ولدت إنسانًا فقط، أم ولدت إلهًا وإنسانًا؟ أم ولدت الإله المتجسد؟
من المستحيل أن تكون قد ولدت إلهًا فقط لأنها ولدت طفلًا رآه الكل، ولا يمكن أن تكون ولدت إنسانًا فقط، لأن هذه هي طريقة نسطور! ثم ما معنى قول الكتاب " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يُدعى ابن الله" (لو 1: 35)؟
وما معنى إن ابنها يُدعى عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت 1: 23) وما معنى قول أشعياء النبي "لأنه يولد لنا ولد ونُعْطَى ابنًا وتكون الرئاسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبا أبديًا رئيس السلام" (أش 9: 6) إذًا هو لم يكن مجرد إنسان ، وإنما كان ابن الله وعمانوئيل وإلهًا.
والعذراء أيضًا لم تلد إنسانًا وإلهًا، وإلاَّ كان لها ابنان. الواحد منهما إله والآخر منهما إنسان. لم يبق إلاَّ أنها ولدت الإله المتجسد.
إن المسيح ليس ابنين، أحدهما ابن الله المعبود، والآخر إنسان غير معبود. ونحن لا نفصل بين لاهوته وناسوته. لقد اتحدت في المسيح الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في بطن العذراء. لذلك حينما زارت العذراء أليصابات قالت لها القديسة العجوز "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ" (لو 1: 34) وكانت مريم حُبلى ولم تلد ودُعيت أم الرب. إذًا ابن الله الوحيد هذا هو الذي نزل من السماءوتجسد، فالمركز الأصلي له هو لاهوته الذي نزل من بطن العذراء وتجسد، ولذلك استطاع أن يقول " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو 8: 58) والذي قال هذا يسوع المسيح وهو يكلم اليهود، ولم يقل لاهوتي كائن قبل إبراهيم. وإنما قال " أنا كائن" مما يدل على وحدة الطبيعة فيه" (1).

Leave a Reply

Subscribe to Posts | Subscribe to Comments

Popular Post

Blogger templates

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

About

قائمة المدونات الإلكترونية

Seacrh By Labels

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Followers

Powered By Blogger

Advertisement

About

- Copyright © "دعونا نتأمل يقول الروح " -Metrominimalist- Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -